رؤية وخطاب المركز الأحوازي للدراسات الوطنية

القضية الأعظم عدم تقدم المشروع النهضوي الوطني الأحوازي خلال مئة عام

محمود عبدالله

أولًا: التحول من تاريخ الاحتلال غير المباشر إلى الاحتلال الشامل والمباشر

سنعرض هنا في هذه الدراسة إلى القضية الأعظم في تاريخنا الأحوازي الحديث والمعاصر، وهي عدم (تقدم المشروع النهضوي الوطني الأحوازي)، ونحن نطرحها في هذا الوقت سنة 2024م ولا تفصلنا سوى بضعة أشهر عن ذكرى مرور مئة سنة على ذلك الحدث الذي أسس النشأة الأولى في (التحول الكبير في الثقافة الأحوازية) وهو فعل احتلال الأحواز من الإيرانيين سنة 1925م، وتاريخيًا، كان مرتبطًا بظهور فكرة (الجماعة الوطنية الفارسية الجديدة بخطابها السياسي الأيديولوجي العنصري) في طهران عاصمة نظام حكم الدولة القاجارية في بلاد الفرس، والتي دفعت الأمور في الثقافة الأحوازية من مرحلة الاحتلال السياسي غير المباشر، وهوتحديدًا فترة حكم شيخ خزعل بن جابر بين سنتي 1897- 1925م، إلى مرحلة احتلال الأحواز المباشر الشامل العسكري والسياسي من خلال إسقاط تجربة حكم هذا الأخير. وكان حكم شيخ خزعل خلال الفترة المذكورة يتمثل في العلاقة السياسية وحل المشاكل القائمة على قضية الثروة ودفع الضرائب مع المركز طهران، ومعظمها يتم بواسطة وإدارة القنصلية البريطانية في المحمرة مقر حكمه منذ تأسيسها أول مرة سنة 1890م، وحسب توجيهات وزارة الخارجية في لندن(1).

وأخذت تلك المشاكل العديدة بين الطرفين، بعد ثورة المشروطة الفارسية وظهور التيار الأيديولوجي الوطني الفارسي العنصري، اتجاهًا جديدًا تمثل بضغوط على شيخ خزعل على مستوى الخطاب والمطالب التي لا تنتهي، وتبلور ذلك الفعل وأصبح أكثر وضوحًا بعد الحرب العالمية الأولى بين سنتي 1914-1917م، وذلك بالتحول في خطاب هؤلاء الفرس، والدعوة إلى قيام دولة حديثة حسب النموذج الأوروبي(الأمة/الدولة الواحدة جغرافيًا وسياسيًا)، وكان وجود حكم شيخ خزعل في الأحواز يمنع تحقيق مقاصد مشروعهم الجديد. ولذلك كانت أولى خطوات تنفيذه احتلال الأحواز عسكريًا وبشكل مباشر، وتحويله إلى جزء من أرض حكم الدولة الوطنية الفارسية الجديدة وسياستها ونظامها.

ويرجع سبب هذا التحول التاريخي الكبير إلى خطاب النخبة الفارسية التي قد فهمت في ذلك التاريخ معنى (فكرة الوطنية) حسب تعريفها في المرجعية الأوروبية، فقامت بعمل قطعية سياسية مع عهد التمزق والفوضى الذي كان سائدًا في مدن بلاد الفرس وحل مكانه عهد سياسي جديد، وهو القائمة عليه (إيران الحالية) كما أسسها خطاب تلك الجماعة الفارسية، وقوامه وحدة الأمة الفارسية ووحدة الدولة والجغرافية ووحدة اللغة والثقافة وإعادة تراث الفرس(2). فتم تحقيق ذلك الخطاب السياسي الشامل بإمكانيات وقوة الدولة على أرض الواقع بقيادة رضاخان، وكان قائدًا للجيش، وهو الذي وضع خطة احتلال الأحواز وتنفيذها مبكرًا قبل أن يتم تنصيه بعد ذلك رسميًا ملكًا على بلاد الفرس أو إيران بوضعها الجديد(الدولة الوطنية الفارسية). فتاريخ الاحتلال هذا هو بداية توغل ووجود الفرس في أرضنا والمواجهة بين هؤلاء الغزاة أصحاب الخطاب الشامل وقوة الدولة ونظامها الجديد بمؤسساته ومشاريعه، والقبائل الأحوازية.

ثانيًا: نحن القبيلة والفرس الوطنية على أرض الأحواز للمرة الأولى بمنطق دولة الاستعمار

إنَّ ذلك التحول الكبير الذي قد حدث تاريخيًا في الثقافة والجغرافية الأحوازية، والذي نقوم اليوم بعمل مراجعة نقديه له، سببه ما بنت الدولة الفارسية الاستعمارية وغرسته من مؤسسات وقوانين وخطاب لم يكن أيٌّ منها موجودًا سابقًا، فدخلت على ثقافة القبائل الأحوازية تلك (المنظومة الشاملة)، وعناصرها ليست من (معهود عرب القبائل الأحوازية) كما كان سائدًا فيها فترة عهد حكم شيخ خزعل بن جابر، وتلك العناصر نلخصها بعبارة واحدة شاملة(نظام الدولة/ الوطنية قوتها وثقافتها وقوانيها وخطابها الاستعماري واللغة الفارسية ومشاريعها وسلاح الفكر الوطني القائم على الوحدة الوطنية المنسجمة). فهؤلاء عندما دخلوا إلى الأحواز كمحتلين بهذه (المنظومة) وجدوا أمامهم العرب في الأحواز منقسمين على عشرات القبائل، مرة تقاوم وترفض ومرة أخرى تؤيِّد. وكان ذلك في السنة الأولى من عام الاحتلال. (نهج القبيلة) هو المرجعية، يؤسس نظرة وحركة الجميع تجاه ذاتهم كقبائل فيها الشيخ الزعيم ومن تحته الرعية اتجاه الفرس، وبقي فينا هذا إلى يومنا دون تقدم. وفيما يأتي، نعرض إلى أسباب بقاء هذا الوضع السائد فينا- نحن القبيلة دون التحول منها إلى الوضع الوطني.

ثالثًا: نحن القبائل الأحوازية أمام الفرس دون سلاح الفكر الوطني

إنَّ أحوال ثقافة الشعب الأحوازي بقيت تفتقر إلى السلاح، وأعني به مفهوم (الفكر) الذي قد لجأت إليه الشعوب في عصرنا هذا، وساعدها في التحول من حالة الفوضى والظلامية والجهل والتخلّف والاحتلال والتبيعة وفقدان الهوية والتناحر والتمزق إلى حالة الوعي الجديد في(الثقافة العالِمَة)، وقوامه مجموعة الأفكار- القضايا، ومنها الثقافة والسياسة والتاريخ والهوية والجغرافية واللغة و…إلخ، فيعرضها الفكر برؤية نقدية تجديدية وطنية بالبحوث والدراسات تعريفًا بها، وتقديم أطروحات الحلول لتلك المشاكل القائمة في الثقافة التي يتم تشييد تلك القضايا الجديدة فيها على أنقاض(الفكر الشعبي السائد من قصص وأساطير وخرافات). وهذا الإنتاج من تدوين النصوص يُطلق عليه اسم (الفكر الوطني وهويته)، والذي يتميز به كل شعب عن غيره من الشعوب، فالفكر الوطني الفرنسي وثورته الكبرى يختلف عن الفكر الوطني المصري، مثلما الفكر المغربي الوطني يختلف عن الفكر الوطني الفارسي العنصري الاستعماري.

ليس هذا فقط، بل إنَّ هناك شعوبًا تم تجديد فكرها الوطني، وأصبحت متقدمة على صعيد بناء حداثة لها وفق خصوصيتها بعد تشييد مشاريع سياسية أو ثقافية فكرية، مقابل شعوب بقيت متخلفة عن الحداثة بسبب عدم تشييدها مشاريع الوصول إلى التقدم. وبالتالي فلكل شعب تاريخ فكر وطني يكون مختلفًا عن غيره كسلاح فكري استعمله في بناء الذات الوطنية وتطويرها، فهذا السلاح هو الذي لم نتعرف عليه نحن الأحوازيين، ولم يتم استعماله في الثقافة الأحوازية طوال هذا العصر. ولهذا السبب أصبح وضع هذه الثقافة معقدًا بعد تراكم المشاكل التاريخية فيها دون حلول لها، وهي مشاكل مضاعفة ومنقسمة إلى عناصر التخلّف والتي تنتمي إلى التراث الماضي، بالإضافة إلى ما حُمِلَ إليها من عناصر سلطة الاستعمار الفارسي، وهذا ينقلنا إلى عرض مظاهر المعضلة عندنا بسبب غياب السلاح (لغة الفكر) وتأثيرها في أحوال ثقافتنا.

رابعًا: الثقافة الأحوازية خالية من أي مشروع سياسي أو ثقافي  وفكري

 نحن اليوم أمام معضلة أحوازية شاملة متشابكة وتاريخية نطلق عليها معضلة غياب (لغة الفكر)، فهي التي قد جعلت كلام أبناء القبائل أقاويل فارغة عند الأجيال السابقة والجيل الحالي عن مشاكل الأحواز، وما يؤكد هذه الحقيقة التاريخية هو أنَّ هؤلاء جميعًا قد عجزوا عن وضع الخطوة التأسيسة الأولى التي يبدأ منها كل عمل، وتأتي بعدها الخطوات الأخرى نحو التقدم إلى الأمام، وهذا الأمر قد شمل كل حقول الثقافة الأحوازية، وهذا الفشل ظهر عند كل المجاميع والتي لا حاجة للتصنيف لها، التصنيف يكون له معنى وضرورة وحاجة عندما تنجح جماعة في تشييدها مشروعًا سياسيًّا أو ثقافيًّا وفكريًّا، بخطاب واتجاه ومرجعية ومشروع يميزها عن جماعة أخرى قد فشلت في هذا الأمر، وهذا لم يحدث عندنا قط، كون الجميع تقدم بمشاريع ولم يخطُ خطوة واحدة إلى الأمام، فكان مصيرها جميعًا الفشل، وبالتالي لا يوجد عندنا استثناء يمكن ذكره هنا.

إنَّ السبب الرئيس في هذه الحالة  القائمة والدائمة، أعني خلو الثقافة الأحوازية من أي مشروع سياسي أو ثقافي وفكري، يعود سببه إلى عدم فهم معنى(اللغة الفكرية)، وهي تختلف عن(لغة التعليم- لغة القراءة والكتابة)، فهذه اللغة سواء أكانت اللغة العربية الوطنية أم اللغة الفارسية،(على الرُّغم من أنَّ الفارق بينهما أنَّ اللغة الأخيرة هي لغة الاستعمار وفي نفس الوقت لغة التعليم الرسمي في الأحواز وهدفها رفع الأمية وتسهيل مهمة الحصول على مهنة العمل والمناصب، وآلاف من الناس يحصلون عليها سنويًا وهم الخريجون من الجامعات الفارسية في الأحواز)، إلَّا أنَّ هذه اللغة بقيت فقط- لغة تعليم ولم تتحول إلى (لغة فكرية) مهمتها بناء مشروع سياسي أو ثقافي وفكري في ثقافتنا الأحوازية. ونحن نقول هذا الكلام ونعرف أنَّ أصحاب هذه اللغة من الفرس قد كتبوا عن ثقافتنا ما لم يكتبه أهلها، وهذا ينقلنا إلى قضية أخرى وهي الكتابة بلغة أجنبية كالفارسية عن الثقافة الأحوازية، وإن كانوا من أبناء هذه الثقافة، فهل يستطيع هؤلاء التعبير عن مشاكلها وخصوصيتها، وما يطبع هذه الثقافة بخصوصيتها التاريخية والاجتماعية؟ وخاصة أنَّ اللغة لا تنفصل عن الفكر كأداة ومحتوى، كون (الفكر والأيديولوجيا) اسمين لمسمى واحد(3)، باعتبار الأيديولوجيا كما أطلقها أول مرة نابليون تدلُّ على المشتغلين بدراسة الأفكار وتحليلها-ideologues،(الأيديولوجيون)(4).

 وبالتالي فإنَّ اللغة الفارسية، مثلها مثل اللغة العربية عند الأحوازيين،على الرُّغم من مشروع إضعافها، فهذا ليس سببًا وراء عدم تحولها إلى (لغة الفكر الوطني).

 أمَّا مظاهر عدم التحول هذا فنراها ماثلة أمامنا في البضاعة (الكلام- الكتابة- الانتقاد) عند الأحوازيين جميعًا، وفي اللغتين العربية والفارسية، وهذا إن كان موجهًا إلى واقعنا أو إلى وجود الفرس الأجنبي في الأحواز فقد بقي يدور في (دائرة مفرغة)؛عقيمًا وضعيفًا ورومانسيًا وإنشائيًا، وعاش أصحابه في مأزق وتدهور وأزمة شاملة، نذكر منها الفراغ الذي أصاب العمل السياسي والذي وصل بيننا إلى مرحلة(المرض السياسي) بعبارة الجابري، فهذه البضاعة الرخيصة بيننا هي أكثر رواجًا ومتاحة للجميع، وكل جماعة تلجأ إليها. ويصدق على هذه الجماعات كلام الجابري قائًلا:”إنَّهم يعترضون من فراغ، أي دون أن يكون اعتراضهم مرتبطًا بمرجعينة معينة وبسياق فكري معين، بل من دون أن يعوا تمام الوعي…لهذا الاعتراض…أولئك الذين يهبّون لتأييد قضية أو معارضتها من دون أن يكون لهم إلمام كاف بتلك القضية ولا بأصولها وفصولها”(5).

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نحن أمام الاستهلاك لا الإنتاج، بفعل ممارسة(الاقتباسات)عند الأحوازيين جميعًا نسبة إلى أحوال العرب، بعد توقف إنتاج النصوص والعلوم في عصر ما يسمى عصر الانحطاط العربي:”مثقفو المقابسات: كان القرن الرابع الهجري بحق عصر اللامركزية، عصر إمرة الأمراء والدولة المستقلة، عصرًا خاليًا من أي مشروع  ثقافي أو سياسي للدولة ككل، فأصبحت كل إمارة، بل صار كل ذي جاه وسلطان، يزيِّن مجلسه، بالعلماء والكتّاب والأدباء والشعراء. فظهرت فئة من المستهلكين للثقافة الآخذين من هنا وهناك، المتقابسين الحريصين على المشاركة في كل علم والإدلاء فيه بدلو خلال المناقشات والمقابسات التي كانت تزخر بها المجالس الثقافية، سواء مجالس الأمراء والوزراء أو المجالس التي كان يعقدها هؤلاء المثقفون في بيوتهم أو في مكاتب الوراقين التي اشتغل فيها كثير منهم كنسّاخ لكسب قوتهم”(6).

هذه البضاعة والاقتباسات قد اتجه أصحابها بيننا إلى قضية تاريخ الأحواز ومعها تداول عبارة(الخصوصية الأحوازية)، فالوعي التاريخي بيننا عن هذه القضية ممزق ويعاني من الضياع والفراغ بسبب أنَّ أحداثه موزعة بين نصوص الخطابات الأربعة:(الفارسي، العراقي، التركي العثماني، الإنجليزي)، ولكل خطاب قضية يدافع عنها، وهذا ما قد حدث عند  قضية(رسم حدود الأحواز الوطنية الغربية) في معاهدة أرضروم سنة 1847م، واليوم بعد قرابة 180 عامًا من تلك القضية مازال الخطاب التاريخي الأحوازي غائبًا عن تناولها، وهذا الغياب يصدق على كل قضايا تاريخنا ما قبل تلك المعاهدة وما بعدها، وهذا يكون سببًا لنقول:إنَّ تداول عبارة الخصوصية الأحوازية قد أصبح بلا (قيمة وفارغًا)، كونها لم تقم على فهم الجغرافية التاريخية والسياسية لقضية تأثير الجوار للأحواز وتحديدًا منذ ظهور(حدوده السياسية الوطنية الجغرافية) وحسب التسلسل التاريخي مع العراق أولًا- سنة 2800 ق. م. وبعدها تاريخيًا ظهور القبائل الآرية الفارسية-إيران في الألف الأول ق.م. على حدود الأحواز الشرقية والجنوبية، تحديدًا أقليم (فارس)، ومازال إلى اليوم بنفس الاسم(استان فارس). وحسب ما بين أيدينا اليوم من نصوص مكتوبة تؤرخ تلك الحقبة السياسية وإلى عصرنا هذا. فنحن ننظر إلى قضايا تاريخنا طوال كل العصور ونفهمها بوحي من ثقافة القبيلة وتاريخها الواحد الراكد.

وهذا الفهم- الوعي، وغياب معنى اللغة الفكرية، يصدق على مظهر من المظاهر الكثيرة بيننا. وهذه المرة هي قضية الجهل بيننا، وعدم التمييز بين معنى (القومية) ومعنى(الوطنية)، فالأولى كانت أكثر تداولًا في الكلام الأحوازي عند تناول قضية شعبنا(الوطنية)، فيما هي في الفكر العربي تعني قضية الأمة العربية. وهي تختلف عن الثانية وأعني مفهوم الوطنية- التي تنسب إلى (الفكر الوطني) وتعنى قضية شعب بعينه في حدوده الجغرافية وتاريخه الخاص ودولته الوطنية أو(الدولة القطرية العربية)، بتعبير لغة الفكر القومي العربي، كونها تمثل التجزئة، ومضادة للفكرة القومية ودعوة قيام (الدولة القومية الواحدة للعرب جميعًا) باعتبارهم أمة واحدة مثل غيرها من الأمم، وكل أمة لها دولة واحدة، ليس هذا فقط، بل إنَّ التراث العربي الإسلامي قد شهد تأسيس الدولة الواحدة في أرض الوطن العربي، وبالتالي لتكون قضية الفكر العربي الرئيسة هي(الوحدة العربية)(7). فيما واقعنا نحن العرب في عصرنا هذا منقسم إلى الدول الوطنية- وهي القائمة الآن، فشكلت كل دولة وطنية – أو قطرية لها تاريخًا وكيانًا سياسيًا وحدودًا جغرافية وواقعًا اجتماعيًا ونفسيًا وطنيًا أسس وجودها الشرعي. وكتبنا مقالات ودراسات وكتبًا للفصل والتمييز بين(القومية) و(الوطنية) في الوعي الأحوازي، إضافة إلى ما موجود في اللغة الفكرية الفارسية حول نفس القضية في دراسة سابقة(8)، ومازال بعضنا يتداول كلمة (القومية) وهو يتكلم عن القضية (الوطنية الأحوازية) يخلط بينهما جهًلا بلغة الفكر والمرجعية. والسؤال المطروح كيف نتجاوز وطأة كل هذا التخّلف الفكري الممتد في زمن القبيلة الراكد وفي وعينا وتاريخنا هذا؟

خامسًا: التحول من زمن القبيلة الواحد الراكد إلى الوطنية

نحن فعًلا نعيش تاريخًا واحدًا راكدًا وهو (تاريخ القبيلة)على مستوى الوعي والفهم منذ زمن حكم شيخ خزعل بن جابر، التي لم تستطِع مقاومة فكر الجماعة الوطنية الفارسية، وعجزنا أن نمارس القطعية على صعيد اللغة والثقافة مع هذا الوعي. وللخروج من هذا الواقع طرحنا مشروعًا فكريًّا تعريفيًّا وانتقاديَّا(لمكونات الثقافة الأحوازية) من الداخل، لطلب تجديدها وتحررها من تخلف التراث الفكر الشعبي من العصبية القبلية وعناصر (اللامعقول) فيها(من قصص وأساطير وخرافات وأقاويل و…إلخ)، والتي جهًلا تُنسب إلى الدين الإسلامي المعقول. وفي نفس الوقت تعريف وانتقاد(فكرة الاستعمار الفارسي) ابتداء من سنة 1999م عند قراءة نصوص خطاب هذا الفكر وفعلها في هذه الثقافة، وذلك في سبعة كتب صدرت لنا(9). واحتلت القضايا الآتية فيها مكانة مهمة:(تعريف القبيلة والوطنية) و(التجديد) و(الخطاب الفارسي العنصري الاستعماري) تجاه طمس تاريخ وهوية ومعالم الشعب العربي الأحوازي، و(تدوين تاريخنا الوطني برؤية وطنية نقدية)، ومنذ ذلك التاريخ وجدنا حاجة وضرورة إعمال الفكر في ثقافتنا الأحوازية، فنحن اليوم لا نرى أمامنا سوى أن نخطو خطوة جديدة على هذا الدرب بجهد(الجماعة الوطنية الأحوازية)، وذلك في تأسيس(المركز الأحوازي للدراسات الوطنية). والله نسأل التوفيق.

الهوامش:

1 – محمود عبدالله الاستعمار الإنكليزي في الأحواز ونهب الثرورة الوطنية… ص، 262، 263، الطبعة الأولى، دار دجلة ناشرون وموزعون، الأردن.

2 – نادر انتخابى ناسيوناليسم وتجدد در فرهنك سياسى بعد از مشروطيت، نكاه نو،  صص 6، 30- بهمن- اسفند 1371.

3– الدكتور محمد عابد الجابري، نقد العقل العربي(1) تكوين العقل العربي، صص 11، 12، 13، الطبعة الثامنة بيروت، حزيران/ يونيو 2002م مركز دراسات الوحدة العربية لبنان.

4– الدكتور محمد عابد الجابري، المثقفغون في الحضارة العربية محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد، ص 24، الطبعة الرابعة 2014، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت لبنان.

5 – المثقفغون في الحضارة العربية محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد، ص 11، نفس المصدر السابق.

6– المثقفون في الحضارة العربية محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد، ص54، 55،  نفس المصدر السابق.

7– الدكتور محمد عابد الجابري،المشروع  النهضوي العربي مراجعة نقدية، ص 87، 89، الطبعة الخامسة 2016، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت لبنان

8– محمود عبدالله الثقافة الأحوازية بين سلطة التراث وسلطة دولة الاستعمار الدولة الإيرانية، نحن والتجديد، قراءات في معرفة أسباب التخلف والامتناع عن التجديد، ص 120، دار دجلة ناشرون وموزعون الأردن  الطبعة الأولى 2016.

9 – كتبنا السبعة هي: 1 – الثقافة الأحوازية،2- نحن والوطنية،3- نحن والعرب،4- تاريخ الأحواز المزق من أربع جهات، 5- الاستعمار الإنكليزي في الأحواز،6- القبيلة والسياسة والثرورة في الأحواز،7- كشف الأحواز من الإنكليز.صدرت جميعًا عن دار دجلة ناشرون وموزعون، الأردن.

زر الذهاب إلى الأعلى