بيان المقاومة الوطنية الأحوازية، فهي الحل في تصفية مشروع الاحتلال
محمود عبدالله ياسين
كيف نستطيع تصفية الاستعمار بمجتمع عشائري أحوازي متخلف لا يستند إلى فكر وطني؟
إن رفع شعار الدفاع عن الحقوق الطبيعية للإنسان الأحوازي، يكون شعاراً فارغاً من دون محتوى يؤَسَّسُ على فهم قضية أساسية، وهي أن منشأ أصل الحرية الطبيعية للإنسان (والتي تقوم عليها باقي الحقوق الأخرى العديدة والمختلفة من تعليم وصحة وحرية التعبير والاعتراض والتظاهر والانتخاب وبناء المؤسسات المدنية والنقابات والأحزاب)، يقوم على وجوب كشف وتعريف ما ينقض ويمنع تحقيق هذه الحقوق على أرض الواقع في الثقافة وفي الممارسة السياسية وفي الحياة اليومية من معيشة الإنسان.
فنحن الأحوازيين نعاني من أصلين، كل واحد يقف حائلاً أمام تحقق هذه (المطالب الوطنية الجديدة). الأول: فكرة وجود الاستعمار بكل مظاهره، ومنها دعاة الاندماج بسلطة أو ثقافة الاستعمار، فهذه الظاهرة عند المتعلمين الأحوازيين تعود إلى شعور العجز الفكري عند هؤلاء من بناء شخصية وطنية أحوازية مستقلة في التفكير والإنتاج دون الانتظام بالمرجعية الاستعمارية الفارسية.
الثاني: فكرة التخلف القبلي بكل أنواعه ومظاهره. فمن داخله تظهر بواعث وإنتاج ما هو سائد بيننا من استبداد سياسي وتشرذم وتناحر أحوازي داخلي، وبقي عملاً عبثياً لا غاية له، غير نشر الفوضى وتكريس الجهل المركب بمعارف الثقافة والسياسة، كما أنه أدى إلى فشل قيام حركة وطنية سياسية أحوازية منذ عام 1942، فمن هنا نقول إن التمتع بهذه الحقوق وفق عبارة (المواطنة) لا يستقيم ووجود الاستعمار والتخلف القبلي.
فنرى أن الحل في المقاومة الوطنية الأحوازية الجديدة، ومهمتها ممارسة فعل تصفية الاستعمار، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تصفية ثقافة القبيلة وتوطين ثقافة المواطنة وحرية التعبير وممارسة ثقافة الديمقراطية بروح عقلانية، وتصفية ظاهرة تقديس الأشخاص وتوطين قواعد القوانين الوطنية، فهي التي يجب أن تصبح مرجعاً بدل سلطة الأشخاص. إن قيام نقابات ورأي عام مدني وإعلامي وطني يُراقب ويمنع عندنا ظاهرة تكرار السياسة العربية، أعني الاستبداد في الدولة الوطنية العربية، فالرئيس أو الملك أو الأمير فوق الشعب والقانون، فالشرك بالسياسة عربيا يعتبر حراماً، فوحده الرئيس يحكم، ومعه حزب الرئيس وأعوانه من مقاولي الدولة الفاسدة.
ويجب أن نشير هنا إلى ظاهرة تنخر فساداً وتدميراً في كل تجربة سياسية تدخلها، وهي ظاهرة (السماسرة والتجارة باسم الدفاع عن المواطن الأحوازي)، فقد انتشرت بيننا فترة الإصلاحات وخرجت من جبّة حركة الوفاق بالأحواز، فما قام به كثير من الأحوازيين من مقاولات وطلب مناصب وحماية هؤلاء والتستر عليهم؛ هذا الفعل لا يختلف عن فعل سرقة ونهب الثروة الوطنية الأحوازية من دولة الاستعمار، ونرى اليوم هذه الظاهرة بالخارج. إن كشف وتصفية هذه الظاهرة يدخل في صلب مشروع قيام إصلاح وتجديد وطني، فالتجديد كتلة ومنظومة واحدة، فلا يمكن فصل قضاياه. ونضيف قولاً: إن قوى المقاومة للتجديد بيننا لا تختلف عن القوى المقاومة والمدافعة عن الفساد والمصالح وكسب المال باسم القضية هنا والموطن هناك.
إن عدم وجود (إمكانية قيام دولة وطنية أحوازية)، لا يمنع الجهود من قيام ثقافة وطنية وتشييد مؤسساتها حسب الممكن الوطني، فيصبح عندنا الإعلام وطنياً، مثلما كتابة وتدوين تاريخنا بروح وطنية خالصة ومثله إنتاج المعرفة والفكر والأدب والفن. فنحن اليوم بحاجة إلى ثورة وطنية تجديدية على جميع الأصعدة. وإن السبيل إلى هذا التحول التاريخي الكبير في الثقافة الأحوازية المعاصرة هو قيام (كتلة تاريخية وطنية أحوازية) من مختلف الاتجاهات والرؤى، فهذه الكتلة وحدها قادرة على مواجهة وتصفية الاستعمار والتخلف معاً.