الدولة في الأحواز

أربع دول تعاقبت على حكم أرض الأحواز والخامسة بين الواقع والخيال

 

محمود عبدالله ياسين

 

 مقدمة:

 هذه أوّل دراسة تعالج موضوع نوع نظام وجهاز حكم الدولة في الأحواز. فعندنا أربع دول قامت على أرض الأحواز من حقبة ما قبل الميلاد إلى عصرنا اليوم. فتصنيف الدول الأربع كما نبين حالاً، خطوة أولى إلى تشخص هوية (الدولة الجديدة الوطنية الخامسة) التي لم تُقَمْ بعد على أرض الأحواز، وعناصرها الأساس تشكلها مقومات الوطنية بالتعريف الحديث. فقد طلبت أربعة أجيال من الأحوازيين أن تقام هذه الدولة، ولم يحدث هذا، وتحول إلى فعل وواقع سياسي معاش في حقبة (تاريخ الأحواز السياسي المعاصر –19472018م). نحن الأحوازيين لم نخُضْ تجربة إدار الدولة ليكتب المؤرخ المحلل عن جهاز الدولة ونوع نظام الحكم فيها.

     إذن عندنا أربع دول قامت في أرضنا، وبين أيدينا نصوص عنها، مما يسمح لنا أن نقوم بمهمة التصنيف بين هذه الدول ونظام الحكم فيها وفق رؤيتنا الجديدة الوطنية، وهي الدول الأربع الآتية:

1-دولة عيلام. 2- دولة الفرس. 3- الدولة العربية الإسلامية بما فيها الدولة المشعشعية. 4- دولة الفرس الثانية

عيلام الدولة الأولى وتبدل الأحوال

 قامت دولة عيلام قبل الميلاد في نفس أرض الأحواز اليوم. فهي على مستوى إدارة جهاز الدولة تنتمي إلى الفكر الشرقي القديم، ونظام الحكم كان قائماً فيه على مبدأ الملك/ الإله(1)،  وحكم الملوك مؤطراً بعناية من السماء. وقعت حروب عديدة عى أرض الأحواز طوال فترة هذه الدولة مع حكام الدول التي قامت بالعراق تحديداً. وقد أدت تلك الحروب الطويلة الممتدة وما رافقها من صراع داخلي إلى إضعاف الدولة العيلامية وزوالها، فتبدلت الأحوال وبدأت حقبة جديدة نشأة مستأنفة بقول ابن خلدون، بدخول الفرس أوّل مرة بلاد الأحواز سنة- 600 ق.م. فاحتل تايبيس، ابن أخامينيس، مؤسس المملكة الفارسية الأحواز، فمنذ ذلك التاريخ اتصلت أرض الأحواز بحكم  ونظام إدارة دولة الفرس(2).

إن دولة عيلام الأولى في الأحواز لم تُنشئ فينا نحن أبناء هذا العصر لا أيديولوجيا ولا ثقافة ولا ذاكرة تربطنا بها، أما الأشياء المادية من صخور ونقوش فهي ميتة، وليس ذلك مثلما حدث فينا من وعي وارتباط أيديولوجي وتاريخي وثقافي ممتد فينا نحن أبناء هذا العصر بالثقافة العربية الإسلامية، والتي قامت ونشأت فيها الدولة العربية الإسلامية، وهي نفسها (الدولة الثالثة) التي قامت في الأحواز حسب تصنيفنا كما نبين هذا في حينه.

 فنحن الأحوازيين عندما نريد أن نعبّر عن هويتنا نكتب باللغة العربية، ونقرأ تراثنا ونتعرف إلى الشعر العربي وملاحم العرب في العصر الجاهلي ومعناه (غياب الدولة التي تنظّم شؤون الناس) وإلى كتب التاريخ والفقه والأدب، ونحتفل بالأعياد والمناسبات الدينية ونعتز بالشخصيات العربية المختلفة، إضافة إلى اختيار الأسماء وغيره، فهذا التراث الغني المشترك في الجانب العام (العروبة والإسلام) وفي الجانب الخاص الوطني، هو الرابط اليوم كما هو في الأمس بالعالم العربي، فتقوم عليه هويتنا وثقافتنا. كل هذا وغيره  نشأ وتأسس في الثقافة العربية الإسلامية ابتداء من وضع قواعد اللغة العربية والعلوم العربية الأخرى، ولا نرى فيه نصيباً يذكر يمكن الإشارة إليه أو الاستدلال به ينتمي إلى عيلام.

 فنحن ليس قطعاً مع هذه الأخيرة، بل إن الثقافة العربية الإسلامية التي تكوّن وجودها المادي والمعرفي والفكري والحضاري وإسلامها الإنساني من فعلت هذا، فهي الفاعلة والحية وحدها فينا اليوم من ما وصل لنا من التراث، في المقابل لا نجد أية دور ووظيفة تقدمها لنا ثقافة عيلام الميتة، أما ما بقي في الوعي الشعبي من الماضي الغابر الموغل في الخرافة الدينية وفهم الوجود والأشياء وفق النظرة السحرية كما قامت في الموروث القديم قبل الإسلام(3)، فهذا يصطدم ومطلب فكرنا الوطني الجديد وعصرنا أو(نظرية الثورة الوطنية الإصلاحية التجديدية)(4)، وينتمي إلى ثقافة تأسيس التخلّف فينا أكثر وأكثر، فمن هنا (عيلام الميتة) نستبعدها كما شرحنا هذا بتفاصيل في مكان آخر(5).

الدولة الثانية دولة الفرس في الأحواز

 زوال دولة عيلام السياسي صنع فراغاً سياسياً، فجاءت (دولة الفرس وهي الثانية) محتلة وحاكمة لأرض الأحواز، وبقي حكمها إلى فترة إسقاطها وقيام (الدولة الثالثة) في الأحواز وهي الدولة العربية الإسلامية. وقد صُنّف الفرس تاريخياً بين ثلاث حقب للدولة الفارسية، الأولى: الدولة الأخمينية، الثاني: الدولة الأشكانية، الثالث: الدولة الساسانية، ونحن لا يشغلنا كثيراً هذا التحقيب، ولا كذلك حرب الفرس مع اليونان المعروفة بحملة الإسكندر المقدوني(6)، فهو حسب وجهة نظرنا تحقيب داخلي في الدولة الفارسية(7). والذي يهمنا هو أن أصل الحكم وخاصة في الدولة الساسانية علاقة الحاكم- الملك والرعية تقوم على أصل أو مبدأ السلطان ظل الله في الأرض، فيحكم باسمه وفق الثنائية المعروفة الساسانية (الملك والدين توأمان لا يفترقان)(8).

 وهذا النوع من الحكم والسياسة، إضافة إلى تنظيم جهاز الدولة العائد للدولة الساسانية، تم العمل به في الدولة العربية الإسلامية، الدولة التي حدث فيها تصنيف من المؤرخين والفلاسفة والفقهاء المسلمين، تصنيف بين(دولة الرسول الكريم) و(دولة الخلافة أو خلفاء الرسول)(9)  و(دولة الملك العضوض) ابتداء من حكم معاوية. فعندنا فائض من الأدلة والنصوص التراثية- “الموروث الفارسي أو أخلاق الطاعة”(10)، فهي أولاً: تؤكد على التصنيف الأخير لنظام الحكم، وثانياً: تؤكد توغل حكم الفرد الراعي للرعية والملك ظل الله أو السلطان في الأرض الذي ينتمي إلى فكرة الفرس الساسانية في نظام الحكم. والمهم أن الأحواز موضوعنا الأساس هنا عاش واقع السياسة كما حدث في الدولة العربية الإسلامية الثالثة التي قامت في الأحواز بعد تحريره من الفرس من قيام (دولة الخلافة) إلى قيام (الدولة العربية المركبة).

الدولة العربية الثالثة المركّبة

دولة الرسالة ودولة الخلافة والدولة السلطانية

 وجود دولة فارس الساسانية في ثقافة العرب ليس مقتصراً على أحداث سياسية وقعت قبل الإسلام، ومنها ما هو موجود في الذاكرة عن حرب ذي قار مع الفرس وغيرها، فالوحي/ القرآن الكريم الذي شكل نشأة جديدة في الثقافة العربية وتبديل الأحوال فيها، حفظ لنا حدثَ حربٍ وقعت بين دولة فارس ودولة الروم ، فجاء الكلام عن هزيمة هذه الأخيرة في الوحي حيث غلبت الفرسُ الرومَ في أراضي جنوب الشام، وجاء كلام الوحي عن حرب أخرى سوف تقع في المستقبل بين الدولتين المذكورتين في بضع سنين، فتُهزم فارس والروم تغلِبها(11). وذلك بداية قبل أن تنهزم الدولتان معاً أمام دولة الخلافة العربية الإسلامية في أرجاء الوطن العربي، ومنها هزيمة الفرس في الأحواز(12).

 ابن خلدون هو مرجع الجميع اليوم من المفكرين العرب الذين خاضوا في تاريخ  تكوّن الدولة العربية الإسلامية، أي- “الانطلاقة والتراجع أو الانحطاط وتفكك تلك الدولة الدولة الملك واهتمام ابن خلدون ب الدولة…لأنه يرى فيها صورة العمران… لا يتم ولا يكتمل دونهما الاجتماع الحاصل من تساكن أفراد من بني البشري”، فهذا أصل موضوع مقدمة ابن خلدون قراءة وضع  أو أطوار- “الدولة العامة- كلية والدولة الخاصة شخصية”(13). وما يهمنا هنا ليس ما كتبه المؤرخ التقليدي الذي قرأ مقدمة ابن خلدون عن الدولة العربية، بقدر ما كتبه من قام بتحليل نظام الحكم ونوع السياسة وجهاز الدول التي قامت في البلاد العربية. ابتداء من (دولة الدعوة للرسول الكريم) وفترة حكم (دولة الخلافة) التي حلت مكانها (الدولة العربية السلطانية) ممزوجاً فيها ثلاثة أنواع مركبة: العصبية القبيلة العربية، وتوظيف الدين، ونوع من نظام وجهاز الحكم الموروث من الدولتين الفارسية والرومانية، فهي:

  “الدولة الآسيوية…وجود العناصر الثلاثة، العربي، الإسلامي، الآسيوي” أو (دولة أردشير الساسانية) كما يقول عبدالله العروي في كتابه (مفهوم الدولة)(14)، عن اتجاه (تحليل المفاهيم)، فيرجع أساساً إلى صاحب المقدمة ابن خلدون في الفصل بين العناصر الثلاثة التي ذكرها عن (دولة السلطنة) في كل البلاد العربية الإسلامية. فهذه الدولة الأخيرة مدخل بدأ به إلى عرض دولة التنظيمات العربية الحديثة عهد الاستعمار في الوطن العربي ومعها الدولة الوطنية. فثنائية (التراث والاستعمار) متلازمة عند من طرحوا بجدية دراسة تاريخ (الدولة العربية المركبة) التي لم تقطع معها نهائياً الدولة العربية الوطنية.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى- “فالدولة العربية الإسلامية لم تكن دولة (الملك الطبيعي) الذي هو حمل الكافة على مقتضى الغرض والشهوة وحسب، ولا كانت دولة (الملك السياسي) الذي هو حمل الكافة على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح الدنيوية ودفع المضار فقط، ولا بقيت كما كانت عند نشأتها دولة(دولة الخلافة) التي هي على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الآخروية والدنيوية الراجعة إليها، وإنما كانت الدولة العربية الإسلامية مزيجاً… دولة طبيعية دولة الشوكة والعصبية، أما مظاهرها فكانت دينية بهذه الدرجة أو تلك”(15).

  إن حضور فكرة حكم الدولة الفارسية الساسانية في طريقة تفكير حكام الدولة العربية بدأ بعد فترة الخلافة الإسلامية- “بطاعة الجماعة للواحد الفرد”(16)، فظهر ذلك الوافد بقوة في نصوص مكتوبة بعد ترجمة كتب عبدالله بن المقفع إلى العربية المؤسس الأكبر للقيم الكسروية الفارسية في الدولة العربية الإسلامية أو “التشريع للدولة الكسروية في الإسلام”(17) منذ أواخر الحكم الأموي(18)، ووصل التنافس إلى إحضار نصوص اليونان في السياسة مقابل نصوص الفرس في العهد العباسي(19).

 ابن خلدون وابن رشد تكلما عن (الدولة المركبة). فالعصبية القبلية ضرورية إلى جانب توظيف المذهب، فكل هذا يصب إلى غاية واحدة هي تقوية حكم الفرد السلطان ظل الله في الأرض وإضفاء الشرعية على حكمه ودولته، وبالتالي “طبيعة نظام الحكم في الأقطار الإسلامية كلها بعد الخلافة الراشدة، بكونه نظاماً مركباً(20)”. ومنها التي قامت في الأحواز الدولة المشعشعية-(الدولة الخاصة).

الدولة المشعشعية دولة مركبة

      الكلام عن الدولة المشعشعية هنا الغرض منه تحديد نوع نظام الحكم، ولذا لن نعرض إلى موضوعين؛ الأول تاريخها، فعندنا فائض من الكتب عرض أصحابها هذا الموضوع ، ابتداء من كتاب جاسم شبر سنة 1965(21)، فمنذ هذا التاريخ والكتب تتوالد إلى اليوم، والموضوع الثاني: مذهب صاحبها محمد بن فلاح، ضمن التصنيف التاريخي والعقائدي بين “الإمامة السنية” و”الإمامة الشيعية”، وهذا الموضوع عندنا عنه بحوث أساسية، فانتماء محمد بن فلاح إلى الإمامة الشيعية لا يمكن إنكاره، فهي الأصل الذي قائم أوّل مرة عليه الفكر الشيعي. فأي تعديل واجتهاد وتطوير في معنى الإمامة يقوم به أي شخص من فقهاء الشيعة والحكام لتشييد نظام جديد لا يخرج صاحبه من مقولة “العصمة”.

 فالفكر الشيعي كما نعرف على مستوى المعرفة قام بشييد نفسه على “العرفان والغنوصية”(22) لتعميق معنى الإمام المعصوم، وهذا يصدق على الجانب السياسي في الحكم “ميثولوجيا الإمامة”(23). ومحمد بن فلاح في دعوته إلى دولته لم يخرج عن هذا الأصل كما قلنا هذا في مكان سابق:  “الدولة المشعشعية: كيف نقرأ القوام لها أو عامل التوحيد؟ الدولة عندنا كانت إما الملك العضوض أو سلطانية  وإما إمامية نسبة إلى أئمة الشيعة”(24).

 إذاً ما يهمنا هنا هو نوع نظام الحكم في الدولة المشعشعية، فهي تنتمي إلى الدولة العربية الإسلامية (الدولة المركبة السلطانية) تحديداً (الدولة الخاصة) التي قامت داخل الدولة العامة العباسية منذ أواخر القرن الثالث الهجري، أي حقبة ظهور “دولة الأطراف“(25)، فأرض الأحواز شهدت كثير من الحروب وتعاقب الحكام في هذه الحقبة(26)، والدولة الخاصة تم إضفاء الشرعية الدينية والطاعة الكسروية الفارسية عليها(27) كما كتب- “الماوردي364-450ه الذي عاش في فترة أخذت فيها ظاهرة قيام(الدولة الخاصة) داخل الدولة العامة العباسية تستفحل والذي انشغل بالتالي ب(التشريع) لهذه الظاهرة، أي تبريرها شرعياً…”(28).

فلا تنفرد (الدولة المشعشعية) بنوع خاص من نظام الحكم، فعندنا “دولة الدعوة” التي قامت في المدينة (يثرب) بعد هجرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إليها من مكة، وكان صاحب المهمة يقوم بتبليغ الوحي إلى الناس جميعاً(يا أيها الناس،”إبطال الشرك وتسفيه عبادة الأصنام”)(29)، فلم يحكم الناس بسلطنة قهرية أُسس لها جهاز وفق عقيدة أو أيديولوجية سياسية بفكرة “امتلاك أمر الآخرين”، فقد رفض الرسول الكريم ما عرض عليه من قريش “إذ قالوا لمحمد: أتريد ملكاً؟”(30)، وهو نظام الحكم الدهري الذي يعرفه العرب في ظل غياب الدولة.

 هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن حركة الرسول الكريم بعد الهجرة مباشرة من مكة إلى المدينة ومحاصرة طرق التجارة المؤدية إلى مكة وهي عصب الحياة فيها، فذلك العمل الذي قام به برفقة أصحابه لم يكن القصد منه الوصول إلى الحكم والشهرة وجمع الأموال، بل التضييق على أهل مكة لقبول الدخول في الإسلام وليس منع التجارة، وذلك لمكانة مكة عند العرب، وهذا ما حدث فعلياً، فعندما تم فتح مكة وهزيمة قريش رجع الرسول الكريم إلى المدينة وبدأت القبائل العربية تدخل إلى الإسلام، فتوسعت (دولة الدعوة) وقوي الإسلام، فهذا الحدث والفتح الكبير لم يُظْهِر الرسول الكريم كملك وحاكم على الناس، مثلما يحدث مع ملوك وحكام الدول.

  وأهم من كل هذا هو أن الوحي هو الذي كان يوجه كلام الرسول الكريم وفعله وحركته، وبانتهاء نزول الوحي في سورة النصر انتهت مهمة صاحب الرسالة، على عكس الملك والرئيس والأمير عندنا، فهؤلاء الواحد منهم  يقبض على الحكم حتى لحظة يقبض الله روحه  ” بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)  وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)  فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا “(3).

 من هنا يكتب الجابري عن الفرق بين ما حدث في “دولة الدعوة المحمدية” وما حدث في الدول من قبله وبعده، وعن معنى البداية للدعوة وانتهائها- “كانت البداية (اقرأ(بلِّغ) بسم ربك الذي خلق)… ولما تمت””القراءة” وصار الناس (يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (… لم يبق للرسول إلا أن يودِّع مسبحاً بحمد ربه، مستغفراً لجميع من آمن به. أما ما عدا ذلك، فليس من مهمة الرسول. فالرسول مبلّغ من الله للناس، وليس رئيساً على الناس. أما ما حدث بعده، فهو مثل ما حدث قبله، من صنع  الناس”(31).

 كما أن نظام الحكم في الدولة المشعشعية لم يكن بيد من حصلوا على تربية وإعداد وتعليم خاص، فتكون دولة “المدينة الفاضلة”، حسب تصنيف أفلاطون لنظم الحكم:”إن المدينة لا تكون فاضلة إلا إذا شيّدت لبنة لبنة بإعداد رجال الدولة والساسة خير إعداد، فيكونون عارفين بشؤون المدينة(الدولة) أكفاء قادرين على القيام بما همهم  خير قيام. ومن هنا ارتأى أن المدينة لا تكون فاضلة إلا إذا كان رئيسها فيلسوفاً… ولكن أفلاطون انتهى…إلى الإقرار بصعوبة قيام مثل هذه المدينة… تبقى إذاً المدن التي توجد في الواقع فعلاً، وهي أنظمة في الحكم جعلها أفلاطون تتعاقب في كتابه الجمهورية…”.

  ويهمنا من تلك النظم للحكم ما حكمت الواقع في التاريخ، ومنها نوع نظام الحكم في الدولة المشعشعية. فالدولة المذكورة قامت على عناصر مركبة، “رئاسة الكرامية” أو “مدينة الغلبة”، دولة الثروة والقوة العسكرية، لكون أصحابها يسعون إلى الكرامة بمعنى المجد واليسار، عن طريق الفتوحات العسكرية”. ومعها النوع الثالث “المدينة الجماعية”(32)، وضعية اللادولة حيث الكلمة للقبائل والعشائر وليس للسلطة المركزية… اجتماعات بيوتات لا غير”(33).

 وكما قلنا سابقاً، فإن الباحث أو المفكر العربي عند الكلام عن الدولة العربية المركبة السلطانية لا يفصل بينها وبين (الدولة العربية الوطنية الجديدة) على مستوى نظام الحكم وجهاز الدولة التي بقى فوقها الرئيس، الملك، الأمير الراعي للرعية، لا فرق، تلك قامت في عهد الاستعمار وفكرة التنظيمات(34)، أو الدولة العربية الوطنية التي قامت بعد تصفية الاستعمار وتعاني اليوم أزمة(35).

 أما ما بقي من (الدولة المركبة) في الدولة الوطنية، فهذا أمر مختلف من دولة عربية إلى أخرى، ويمكن قراءة وضع كل دولة من داخل تاريخ مرجعيتها الوطنية(36)، فيجتهد المثقف أو الباحث الوطني(37). ولكن الجامع والذي بقي حياً فينا نحن العرب إلى اليوم من الدولة المركبة، هو حكم الفرد (الرئيس، الأمير، الملك)، فلم يحدث التحول فينا إلى حكم الديمقراطية في الدولة الوطنية العربية القُّطرية، وقراءة الخروج من الاستبداد والتخلّف وطلب التجديد يبدأ كما قلنا عند المفكرين العرب  من ثنائية (التراث والاستعمار)(38)، ولكن نحن الأحوازيين لم تقم على أرضنا دولة وطنية، فكيف نتكلم عن تحول في دولة لم تُقَمْ بعد في تاريخنا؟ هذا ينقلنا إلى موضوع (الدولة الوطنية الخامسة مطلب الواقع والخيال) التي منعت قيامَها عواملُ وقعت في التاريخ خارجية وذاتية بعد، والكلام عنها في الفقرة الآتية.

الدولة الفارسية الثانية في الأحواز

  لا يستقيم الكلام عن موانع قيام (دولة وطنية في الأحواز) دون إحضار نفس الثنائية المذكورة في الفقرة السابقة، أعني ثنائية( التراث والاستعمار)، فحسب تصنيفنا لتاريخ الدول التي قامت على أرض الأحواز، لم تقم بعد الدولة المشعشعية عندنا دولة وطنية، وما حدث هو قيام حكم (الدولة الرابعة) حسب ترتيبنا وهي (الدولة الفارسية الثانية) وعرفت باسم (الدولة الصفوية)، للتمييز بينها وبين(الدولة الفارسية الأولى) التي احتلت الأحواز قبل الإسلام، فمثلما قلنا عن هذه الدولة الأخيرة التي حكمت على أرض الأحواز من تعاقب أنظمة الحكم فيها(الأخمينة والأشكانية والساسانية) باعتباره تصنيفاً داخلياً فارسياً(39)، كذلك الأمر في(الدولة الفارسية الثانية) التي حكمت على أرض الأحواز وتعاقب الأنظمة والحكام فيها، ابتداء من (الصفوية والأفشارية والزندية والقاجارية(40) والبهلوية والحكم الحالي)(41)، فهي في رأينا تدشين مرحلة جديدة من حقبة ظهور الاستعمار الثلاثي؛ فارسي وعثماني وإنكليزي في تاريخ الأحواز دون ظهور دولة وطنية طوال القرون الخمسة. وهذا ينقلنا إلى موضوع وسؤال محوري: وماذا بشأن سلطة سلمان بن سلطان وشيخ خزعل على أرض الأحواز؟ ومكانه الفقرة الآتية.

هل قامت عندنا دولة زمن سلمان الكعبي وشيخ خزعل؟

     نبدأ موضوعنا بتسجيل الملاحظات الآتية: إننا نعتمد في مادة هذا الموضوع أساساً على ما جاء في النصوص التي تمت كتابتها في نفس الفترة التي عاش فيها الأشخاص الذين كانت عندهم سلطة على أرض الأحواز ونعرض لهم هنا، ومنها النصوص التي تُكتب إلى الدولة الإنكليزية عن الأحواز. إضافة إلى (مخطوطة الشويكي عن تاريخ كعب)، وقد عملنا مقارنة بينها وبين نفس المخطوطة التي نشرها وكتب تعليقاً عليها علي نعمة الحلو(42) وبين أيدينا غيرَ نسخة من هذه المخطوطة، فوجدنا اختلافاً وزيادة كلام، فبداية ونهاية كل نسخة عن الأحداث مختلفة.

  فمخطوطة الشويكي (الانتهاء من كتابتها سنة-1287ه -1870م) وفق ما جاء في كتاب الحلو،مخطوطة أشار إليها الكتّاب الإنكليز ومنهم ملازم ويسلون في عرض تاريخ الأحواز(43). وهي تشير إلى نوع نظام السلطة القبلي في تلك الحقبة وطريقة تعاقب شيوخ القبيلة في الحكم، ابتداء من أبناء شيخ ناصر الذي تُسمى العائلة باسمه البوناصر إلى نهاية أواخر القرن التاسع عشر، فالقتل كان متبعاً طوال الحقبة المذكورة أو ما تسمى(الدولة الكعبية؟) (44).

  أما التقرير العسكري الإنكليزي والذي كُتب(1923م) أثناء فترة حكم شيخ خزعل ومن داخل الأحواز (45)، فعرض إلى نوع سلطة هذا الأخير والتعامل مع القبائل الأخرى في الجنوب والشمال من الأحواز، فسلطة شيخ خزعل وأسلوبه في الحكم كان قائماً على الاستبداد؛ سلطة الفرد الراعي للرعية، والاستئثار بالمال والسلطة بمختلف الطرق للسيطرة والتحكم. ونضيف قولاً: إن عبد المسيح أنطاكي بك، بدوره كتب كلاماً عن شيخ خزعل وحكمه الذي هو داخل نفوذ “الدولة العلية الفارسية” أثناء حكم خزعل نفسه سنة (1326 ه- 1908م)، وقبل أن يكتب كلامه عن إمارة المحمرة وحكم خزعل وما منح والده جابر بين مرداو من الفرس القاجار(46)، كتب الكلام الآتي:

 “وإن الذي نستلفت إليه الأنظار، هو أن استقلال المحمرة، وتولّي ذلك المولى الكبير عليها رحمه الله، لم يكن عصيان، أو بعد حرب عوان، مع دولة علية إيران، بل مكافأة من جلالة الشهنشاه، لذلك الشيخ العظيم لقاء خدماته الكبرى للدولة الايرانية، على ما سنبينه بأجلى بيان؛”(47). نلاحظ أنه جاءت كلمة “الاستقلال” في النص السابق، وهو مضمون النقاط السبع، وأما عبارة “الخدمات من شيخ جابر بن مرداو”، فهي تعبر عن ما حدث، وهو وقوف هذا الأخير مع الفرس في الحرب مع الإنكليز سنة 1856 كما سوف نبين هذا الأمر في هذه الفقرة.

   فالأنطاكي شرح أحوال الدول المتحدة من إمارات ألمانيا وأمريكا، وعرض إلى أحوال الأمم والشعوب، فبدأ كلامه بهذه العبارة: (الواقف على فلسفة التاريخ)، فهو كان عارفاً بما يكتب ولأجل من يكتبُ، وخاصة إرضاء شيخ خزعل. وكتابه الذي بين أيدينا ممتلئة صفحاته بالمديح والثناء على مولاه (كما يعبر عن ذلك)، إضافة إلى ألقاب “عالم كبير، وفيلسوف شهير، وشاعر من الطبقة الأولى”(48)، و”العمل على رفاه رعاياه، الذين يدعون لسموه، آناء الليل، وأطراف النهار”(49)، وفي الفرع الثاني من عنوان كتابه استعمل عبارة (منظومات ومدائح مولانا معز السلطة سردار أرفع سمو الشيخ خزعل خان). وبالتالي هذه النصوص المذكورة نعتمدها أكثر من الكتب التي صدرت بعد أربعة عقود من نهاية حكم شيخ خزعل بن جابر شخصيتنا الثانية بعد شيخ سلمان بن سلطان.

  فالشخصية الأولى القوية ظهرت في منتصف القرن الثامن عشر، فخاض مقاومة وحرباً طويلة طاحنة وقعت على أرض الأحواز فترة عشر سنوات (1756-1766 م) ضد الاستعمار الثلاثي معاً: الفارسي والعثماني والإنكليزي، فمنع هذا الاستعمار تحويل مقاومة سلمان بن سلطان إلى إقامة نواة دولة وطنية في الأحواز، وزادت الحروب الخمس التي وقعت في القرن التاسع عشر فترة حكم غيث بن غضبان على أرض الأحواز من تعميق الفرقة وعدم وحدة السياسة(50)، فبعد تلك الحروب ظهر صراع جديد داخلي بين شيخ ثامر بن غضبان وجابر بن مرداو.

  يكتب الرحالة الإنكليزي (سير هنري ليارد) عن فترة حكم شيخ ثامر بن غضبان قائلاً: “لقد كان الشيخ ثامر، بلا شك، رجلاً استثنائياً، بالنسبة لعربي. لقد كانت المنطقة التي يحكمها تدين بكثير من الازدهار الذي كانت تتمتع به آنذاك إلى التشجيع الذي قدمه للزراعة والتجارة، وإلى الحماية التي وفرها للغرباء من التجار في منطقته. كان يتم الحفاظ على القنوات ومجاري المياه التي تعتمد عليها خصوبة التربة بشكل رئيس، كما يتم القيام بإنجاز أعمال جديدة من هذا النوع بين الفينة والأخرى. وقد أعلن المحمرة ميناءً حرّاً، حتى إنها أصبحت محطة مهمة للتجارة…”(51)، وبقى الصراع المذكور مستمراً؛ الصراع بين الشيخ جابر بن مرداو وأبناء غضبان (52)، لينتهي لصالح شيخ جابر، الذي مُنح من القاجار سلطة حكم المحمرة وفق المرسوم الملكي القاجاري من ناصر الدين شاه قاجار الذي تضمن سبع نقاط(53) وهي التي قصدها انطاكي بك(54)، بعبارة “استقلال المحمرة”، وذلك بعد أن شارك شيخ جابر إلى جانب الفرس الذين انهزموا أمام الإنكليز في المحمرة في حرب سنة 1856(55). فهذه المشاركة هي التي قصدها أنطاكي بك، بعبارة “مكافأة من جلالة الشهنشاه، لذلك الشيخ العظيم لقاء خدماته الكبرى للدولة الإيرانية”.

 أما سلطة الثاني، وأعني شيخ خزعل بن جابر، فعلى الرغم من أن الأحداث في عهده (1897-1925) عديدة ومختلفة(56)، إلا أنه بقي ملتزماً إلى نهاية حكمه بسياسة مضمونها النقاط السبع المذكوره أعلاه، وقد تم منحه غيرَ مرسوم من الشاه القاجاري مظفر الدين(57)، تولى بموجبها السيطرة على مدن ومناطق من الأحواز(58) وجمع العوائد منها ودفعها إلى شخص فارسي بلقب “الپِشكار”(59).

 وقد انتهى دوره بمجيئ العهد الاستعمار الأحادي الفارسي، الذي تبنى أصحابه مقولة أوروبية بناء (الأمة/الدولة) وهي السائدة إلى اليوم. فهذا الاستعمار بمختلف اتجاهاته وتاريخه بقى مانعاً أمام قيام الدولة الوطنية الأحوازية، دولة من مطالب أجيال أحوازية ظهرت بعد عقدين من نهاية حكم خزعل، فهو مطلب لم يتحقق بعد. وهو موضوع الفقرة الآتية.

الدولة الوطنية  الأحوازية الخامسة بين الواقع والخيال

  نعرض في هذه الفقرة إلى خمسة وجوه من موضوع الدولة الوطنية الأحوازية الخامسة بين الواقع المعاش والخيال.

الوجه الأول: الحاجة إلى الدولة

 نبدأ كلامنا هنا بهذا النص عن ضرورة وحاجة الدولة، “ينطلق البحث في تكوين الدولة من الضرورة القائمة إلى قيامها، وهي استحالة كفاية الفرد البشري جميع حاجاته بمفرده، ومن هنا ضرورة الاجتماع وبالتالي تقسيم العمل وبروز الحاجة إلى سلطة عليا، ومن ثم الانتقال من طلب الضروريات إلى طلب حياة اليسر والترف، الشيء الذي يجرّ إلى الدخول في منازعات حربية مع الدول المجاورة، فتبرز الحاجة إلى جيش تحارب به الدولة من تدعوها الظروف إلى محاربته، إما طلباً للثروة وإما دفعاً للطامعين. ومن هنا يبدأ تشييد المدينة بإعداد حَفَظتِها أو حراسها والقائمين عليها من الجنود إلى الرؤساء”(60).

 الدولة التي تُقسم بها وظائف الناس وفق حاجة الفرد، “فقلت في اعتقادي: إن الدولة تنشأ عن عجز الفرد عن الاكتفاء بذاته وحاجته إلى أشياء لا حصر لها…”، منذ أن كتب أفلاطون هذا الكلام عن الدولة(61). هذا مطلب أهل كل مدينة وثقافة تقام فيهم دولتهم، فشريعة الدول وهي الأساس تقام في جغرافية وثقافة كل شعب.

الوجه الثاني: شرعية الدولة

 إن الكلام عن شعب تشكله مجموعة بشرية وعن حقوقهم الابتدائية أسميناها “فطرية”، كما هو مؤسس لها في الإسلام، وهي تعني: “أن الحرية جزء جوهري في الإسلام- حقوق الإنسان بإطلاق”(62)، أو “حالة الطبيعة” كما أسس لها فلاسفة أوروبا في العصر الحديث وفق مبدأ المساواة والحرية(63) بين كل البشر، ذكراً وأنثى أبيضَ وأسودَ، وهما منشأ كل الحقوق الأخرى السياسية وغيرها دون تمييز واضطهاد وعنصرية. وعلى هذا الأساس قامت نظم ونوع العلاقة بين المواطن والحكم والدولة.

  أقول إن كل هذا الكلام لا يكون موضوعياً وعقلانياً عندنا، ويلمس الواقع دون وجود فكرة دولة وطنية يقيمها الشعب على أرضه وفي ثقافته ومجتمعه، فتحافظ على وجوده المادي وحقوقه وتنظم العلاقات بين أفراده وتوفر لهم الأمن وتساندهم في تحقيق مصالحهم. وهذا لم يحدث عندنا، والقائمة دولة استعمارية عنصرية فارسية محتلة الجغرافية والثقافة وتنهب الثروة الوطنية. فكيف السبيل إلى إمكانية إقامة الدولة، وهل هذا يدخل في معنى (الطوبى أو الخيال)؟ كما نبينه في الوجه الآتي.

الوجه الثالث: الطوبى الخيال والواقع لقيام الدولة الوطنية

 استعمل عبدالله العروي كثيراً عبارة “الطوبى، وهو تخيل نظام أفضل خارج الدولة القائمة وضداً عليها”. فيستعملها في موضوع تخيل الخلافة أو الدولة الإسلامية الحق عند من يدعو لها. أي المفكر الإسلامي: “بتمثيله نظاماً أسمى ينتظر تجسيده فوق الأرض من إلهام رباني… وترفض الطوبى لأنها متعلقة بغير إرادة البشر…إلخ”( 64).   فهذا التحديد لمعنى (الطوبى في السياسة) لا يستقيم وموضوعنا ولا علاقة له به. وللأسباب الموضوعية الآتية:

      أولاً: أن قيام الدولة الوطنية على أرض الأحواز لا ينقض أصل الدولة الإيرانية القائم في بلاد فارس، ولكنه ينقض فكرة الاحتلال الصادرة من هذه الدولة التي تحتل الأحواز(65).

    ثانياً: قيام الدولة الوطنية عندنا لا يحتاج  إلى إرادة غيبية ولا هو مرهون بها وخارج إمكانية وقوة الإنسان وأفعاله. إنما يرجع قيامها إلى إرادة الإنسان وكفاحه ونضاله من أجل وجوده.

   ثالثاً: التاريخ الذي يسمى تاريخ تصفية الاستعمار حدث فيه هذا الفعل(66)، عندما الشعوب تجاوزت ثقافة الجمود وأنتجت ثقافة الحراك وقامت فيها الدولة الوطنية ضد نقيضها الاستعمار.

الوجه الرابع: الحكم يقوم على ثلاثة أصول: المواطنة، الديمقراطية، العقلانية

  إن أفضل نظام حكم سياسي نراه حقاً للأحوازيين هو القائم على الأصول الثلاثة الآتية: المواطنة، الديمقراطية، العقلانية. أصول تنقض تلك الأصول الأربعة التي تستند عليها الدولة الفارسية في احتلال الأحواز، وهي: القبيلة، توظيف الدين، الاستبداد، الطاعة. فهذه الأصول تُشكل(ثقافة الجمود والطاعة والاحتلال). أما الأصول الأولى فتُشكل (ثقافة الأحرار وحقوق المواطنة)(67). فدولة (الحداثة السياسية – دولة المؤسسات) قامت على مبدأ السيادة الوطنية ومبدأ الحقوق وعلى حقيَّن الحرية والمساواة. وتحقيقها يطلب قيام المواطنة وتجاوز ثقافة الرعية.

الوجه الخامس: ثقافة الرعية مانع إقامة الدولة الوطنية

  الفكر النقدي غرضه تقديم (معرفة ثقافية) إلى الناس لتجاوز ثقافة الرعية والحصول على  الحرية والمساواة، فعندما تحل (ثقافة الجمود والرعية) مكان(ثقافة الحراك والمواطنة) لا تحدث في الثقافة نهضة وطنية شاملة تؤدي إلى قيام دولة وطنية. وهذا ما حدث عندنا، أربعة أجيال من الأحوازيين فترة (تاريخ الأحواز السياسي المعاصر-1947-2018) تكلمت عن مطلب إقامة دولة دون أن تبني مقدمات نهضة وطنية ثقافية وسياسية في المجتمع الأحوازي، فاعتمدت  على جهات خارجية عديدة ومختلفة، وأثبت التاريخ وما رافقه من أحداث خطأ وفشل هذا الاتجاه. وهذا موضوع دراسة قادمة.

 

الهوامش:

1– محمد عابد الجابري نقد العقل العربي(3) العقل السياسي العربي محدداته وتجلياته، ص 42، مركز دراسات الوحدة العربية  بيروت الطبعة الرابعة 2000.

2 – محمود عبدالله، تدوين تاريخ الأحواز المعاصر(4) كشف الأحواز من الإنكليز، تقرير عسكري حول عربستان  المنطقة(13)، إعداد القوة الجوية، العراق- ص-22، دار دجلة ناشرون وموزعون  الأردن 2018.

3 – محمد عابد الجابري نقد العقل العربي(1) تكوين العقل العربي، ص 144، مركز دراسات الوحدة العربية  بيروت الطبعة الثامنة 2002.

4 – محمود عبدالله، نحن والعرب العقلانية من ابن رشد إلى الجابري تحرر الثقافة الأحوازية من الفكر الفارسي، ص 27، الطبعة الأولى 2015 دار دجلة ناشرون وموزعون الأردن.

5 -محمود عبدالله ، تدوين تاريخ الأحواز الوطني المعاصر(1) تاريخ الأحواز المزق من أربع جهات وضرورة التحرر منها، ص 42، دار دجلة ناشرون وموزعون الأردن-الطبعة الأولى 2017 .

6 – ايرج افشار سيستانى، نكاهى به خوزستان، ص 81-82، جاب دوم 1369، نشر بلور.

7- سيد جلال الدين مدنى، تاريخ سياسى معاصر ايران، جلد  اوّل، ص 16، نوبت جاب سوم،.د.ت. دفتر انتشارات اسلامى وابسته  به جامعه مدرسين حوزه علميه قم.

8 – محمود عبدالله- نحن والوطنية مئة عام من التأخر السياسي الأحوازي-1914-2014، ص 252، الطبعة الأولى 2015 دار دجلة ناشرون وموزعون الأردن

 9 – خلفاء الرسول، خالد محمد خالد، ص5، المكتبة العصرية صيدا- بيروت، 2007.

10 – محمد عابد الجابري نقد العقل العربي(4) العقل  الأخلاقي العربي، ص 131، مركز دراسات الوحدة العربية  بيروت الطبعة الأولى 2001.

11 – محمد عابد الجابري، فهم القرآن الكريم التفسير الواضح حسب ترتيب النزول القسم الثاني،  ص 345، 346 مركز دراسات الوحدة العربية بيروت- الطبعة الثالثة  2010.

12 – موسى سيادت، تاريخ جغرافيائى خوزستان، ص 32. جاب اول 1374، جاب ونشر آنزان.

13 – محمد عابد الجابري، التراث والحداثة دراسات ومناقشات، ص- 219، 223،224، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت، الطبعة الثالثة 2006.

14-عبدالله العروي، مفهوم الدولة، ص92، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثامنة 2006.

15 – التراث والحداثة، ص226،227، مصدر سابق.

16- العقل الاخلاقي، ص248، مصدر سابق.

17- المصدر السابق، ص171.

18 -المصدر السابق، ص225.

19 – محمد عابد الجابري، الضروري في السياسة مختصر كتاب السياسة لأفلاطون، ص  16،17، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت، الطبعة الثانية 2002.

20- محمد عابد الجابري، في نقد الحاجة إلى الإصلاح، ص215، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت، الطبعة الأولى 2005.

21 – جاسم حسن شبر، تاريخ المشعشعيين وتراجم أعلامهم، مطبعة الآداب- النجف الأشراف 1385ه- 1965م.

22 – محمد عابد الجابري، نقد العقل العربي(2) بنية العقل العربي دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية، القسم الثاني العرفان، الطبعة السادسة 2000، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت.

23 – محمد عابد الجابري، العقل السياسي الفصل الثامن، مصدر سابق.

24- محمود عبدالله، نحن والتجديد الثقافة الأحوازية…، ص 139، الطبعة الأولى دار دجلة ناشرون وموزعون الأردن 2016.

25 – العقل السياسي العربي، ص331، مصدر سابق.

26 – تاريخ جغرافيائى خوزستان، ص-32، 33، 34، 35 ، مصدر سابق.

27 – العقل الأخلاقي العربي، ص237، مصدر سابق.

28 – التراث والحداثة، ص- 222،223، مصدر سابق.

 

29 -الجابري فهم القرآن الكريم التفسير الواضح حسب ترتيب النزول القسم الأول، ص 209، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت الطبعة الثانية 2009.

30- مفهوم الدولة، ص 91، مصدر سابق.

31-  الجابري فهم القرآن الكريم التفسير الواضح حسب ترتيب النزول القسم الثالث،  ص 412 مركز دراسات الوحدة العربية بيروت الطبعة الثانية 2010.

32- العقل الأخلاقي العربي، ص 389، مصدر سابق

33-  نقد الحاجة ص 210،212، مصدر سابق.

34 – عبدالإله بلقزيز- الدولة في الفكر الإسلامي المعاصر، ص 19، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت الطبعة الثانية 2004.

35 – أزمة الدولة في الوطن العربي، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية … ، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت الطبعة الثانية 2012.

36-  في نقد الحاجة إلى الإصلاح، ص 206، مصدر سابق.

37- عبدالله العروي، السنّة والإصلاح، 189،الاستعمار الانحاط التجديد، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية،2010.

38- تاريخ الأحواز الممزق من أربع جهات وضرورة التحرر منها، ص17، مصدر سابق.

39 – سيد جواد طباطبايى، ديباجه اى بر نظريه انحطاط ايران، جلد نخست، ص 10، جاب هشتم،1389، نشر نكاه معاصر.

40 – محمد على همايون كاتوزيان، اقتصاد سياسى ايران از مشروطيت تا بايان سلسله بهلوى، مترجمان: محمد رضا نفيسى- كامبيز عزيزى، ص 70،جاب ششم 1377، نشر مركز تهران.

41 –يرواند آبراهميان، ايران بين دو انقلاب از مشروطيت تا انقلاب اسلامى، ترجمه ى- كاظم فيروزمند- حسن شمس آورى- محسن مدير شانه جى، جاب شانزدهم 1391 نشر مركز.

42 – مشايخ كعب- تاريخ إمارة كعب العربية في القبان والدورق- الفلاحية- تحقيق وتعليق على نعمة الحلو. الطبعة الأولى 1968.

43 – أنظر تفاصيل هذا الموضوع إلى-  تاريخ الأحواز الممزق، ص،198،199،202، مصدر سابق.

44 – محمود عبدالله- الثروة والسياسة والقبيلة في الأحواز- سرّى للغاية ملخص العلاقات بين الحكومة البريطانية وقبائل عربستان وشيوخها ملازم ويسلون، القائم بأعمال القنصل في عربستان، ص71 (تحت عبارة التاريخ المحلي)، الطبعة الأولى 2018 دار دجلة ناشرون وموزعون الأردن.

45 –  كشف الأحواز من الإنكليز، ص 360، مصدر سابق.

46 – عبد المسيح انطاكي بك- الدّرر الحسان في منظومات ومدائح مولانا معز السلطنة سردار أرفع سمو شيخ خزعل خان، ص 20،21، طبع بمطبعة العرب في مصر.

47 –ص 6، المصدر السابق.

48– ص 45، المصدر السابق.

49 –  ص4، 8، المصدر السابق.

50-  تاريخ الأحواز الممزق ص  214  المصدر السابق.

51- المغامرات الأولى في فارس، سوسيانا، وبابيلونيا –  سير هنري ليارد، الجزء الثاني الفصل 12، ترجمة الأستاذ نزار عوني سعيد اللبدي ضمن مشروع ترجمة الوثائق الإنكليزية عن الأحواز.

52 – الثروة والسياسة والقبيلة في الأحواز، ص15، مصدر سابق.

53 – تاريخ الأحواز الممزق  ص 222، 223 مصدر سابق.

54-  الدّرر الحسان، ص 21، مصدر سابق.

55 – الثروة والسياسة والقبيلة في الأحواز- ص76-79، مصدر سابق.

56- ويليام  ثيودور سترانك، حكم الشيخ خزعل بن جابر واحتلال إمارة عربستان، ترجمة د. عبدالجبار ناجي،  الطبعة الثانية 2006، الدار العربية للموسوعات، بيروت.

57 –  الدرر الاحسان، ص 41، مصدر سابق.

58 – الثروة والسياسة والقبيلة في الأحواز، ص 297،298، 299،302. مصدر سابق.

59- كشف الأحواز من الإنكليز، ص184، مصدر سابق.

60 –  العقل الأخلاقي العربي-  ص 264مصدر سابق.

61 –الضروري في السياسة – ص 229. مصدر سابق.

62 –محمد عابد الجابري، الديمقراطية وحقوق الإنسان، ص 209، الطبعة الخامسة 2015، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت.

63 – في نقد الحاجة إلى الإصلاح، ص157، مصدر سابق.

64 – عبدالله العروي مفهوم الدولة، ص147، 149مصدر سابق.

65 – نحن والتجديد، القسم الثاني، مصدر سابق.

66 –نحن والوطنية، ص 80، مصدر سابق.

67- نحن والوطنية، ص 124، مصدر سابق.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى