أربع قضايا في الثقافة الأحوازية

السلفية، العلمانية، الوطنية عند دعاة التحرير، وجود الاستعمار في تاريخ الأحواز

محمود عبدالله ياسين

 

المقدمة:

إن ثقافتنا الأحوازية، ثقافة راكدة، فالوعي الشعبي الموروث يسيطر على أبنائها. ويمنع فيها فكرة البحث عن معرفة أسباب تاريخ هذا الركود-التخلّف- ولماذا لم يحدث التجديد في تاريخها الحديث والمعاصر؟ فهذا الوعي تنطوي فيه جماعات تطلق على نفسها عبارة: ” نخبة المجتمع الأحوازي”. فهؤلاءء لم تصدر عنهم دراسة واحدة تستحق الذكر عن الموضوعين أعلاه، ولا عن أية قضية من قضايا ثقافتنا الوطنية وما أكثرها.

إن ثقافتنا تعاني من الإهمال في مجال الدراسات الوطنية، ونسبة القراءة متدنية جداً عند مثقفي وسياسيي مجتمعنا، فيما نرى عند الاستعمار الفارسي نهضة في الثقافة الوطنية، وهي مستمرة من أواخر القرن التاسع عشر إلى اليوم، فأجيال هذه الثقافة من السياسيين والمثقفين نهجوا ثقافة التأليف والترجمة لإغناء ثقافتهم الوطنية، فرافق هذا النهج ثقافة قراءة وفهم قضايا ثقافتهم وتجديدها المستمر.

أما نحن الأحوازيين فتبقى قائمة عندنا ظاهرة أومشكلة ثقافية جديدة قديمة، فيرثها جيل بعد جيل، وهي: تداول قضايا ثقافتنا شفهياً في المسامرات. فهذا الفعل ساعدته الثقافة الوطنية الفارسية كي تحتوي ثقافتنا وتسيطر عليها، عندما أصبحت مرجعاً لعدد كبير من أبناء ثقافتنا، فأعداد هؤلاء من المتعلميين الجيل الجديد خاضوا في عملية خدمة الثقافة الفارسية من خلال ترجمة نصوص من هذه الثقافة الأخيرة إلى الثقافة العربية والعكس، فسبقهم إلى هذه الخدمة الجيل السابق من أبناء ثقافتهم، أصحاب فكرة ترويج الترجمة والانبهار بالثقافة الفارسية، فيما كانت الحاجة الوطنية الأحوازية وما زالت تفرض أن يجتهد هؤلاء في صياغة نصوص وطنية أحوازية تخرجهم وتحررهم فكرياً من هيمنة وتبعية سلطة خطاب الثقافة الفارسية، وخاصة أن مثقفي الفرس أنفسهم في التاريخ الحديث والمعاصر نهلوا وترجموا ونقلوا من الثقافة الأوروبية إلى ثقافتهم الوطنية لإغنائها وتجديدها.

إذن نحن الأحوازيين قضايا ثقافتنا الوطنية الكثيرة والمختلفة تعاني من هذا الوضع المتأزم أو المأزق، فرأينا أن نعرض هنا في هذه الدراسة إلى القضايا الأربع الآلتية:

1- السلفية.2- موضة العلمانية. 3- الوطنية عند دعاة التحرير. 4- وجود الاستعمار في تاريخ الأحواز.

أولاً: السلفية

  ليست عندنا شخصية أحوازية فكرية سلفية صدر لها كتاب نشير إليه وهي تعرض فيه حاجة الثقافة الأحوازية إلى فكرة السلفية. أصل فكرة السلفية عند مؤسسها محمد بن عبد الوهاب، تحديداً محاربة البدع والخرافات وتطهير الدين الإسلامي مما لصق به، حسب قول منسوب إلى الإمام مالك (لا يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها)، أي ما معناه الرجوع إلى السلف الصالح من الأوائل، و”السلفية” نسبة إلى هذا المعنى تختلف عن كلمة “أصولية”. وفق تصور كثير من العرب أن الأصولية تقابل لفظاً اقترحه أنور عبد الملك المصري سنة 1965م مقابل حركة الأفغاني أو سلفية محمد عبده المصري (Fondamentalisme). إن اللغات الأوروبية لا تتوفر على مقابل لكلمة سلف أو سلفية الذي يؤدي كامل حمولة اللفظ العربي، يترجمون مضمونها(Traditionalisme)، والتي تفيد النزعة إلى التقليد أو ب(Nationalisme Islamique) التي تفيد معنى الدعوة إلى أمة إسلامية واحدة، وفصل بينهما أستاذنا الجابري في حوار مع الأستاذ المصري الشهير حسن حنفي. قائلاً: “ثم جاء المترجمون العرب، وكثير منهم يحتاج إلى هداية، فترجموا تلك اللفظة [لفظة أنور عبد الملك] بكلمة أصولية. وكان الأولى أن يعودوا بها إلى أصلها العربي ويقولوا سلفية”(1).

    بقي موضوع مشكلة سلفية الحنابلة السياسية مع المعتزلة في قضية “خلق القرآن” وما ورث ابن تيمية من مواقف حنبلية سياسية إضافة إلى مقولة الإمام مالك المذكورة أعلاه. هذا من جهة، ومن جهة أخرى عندنا السلفية التجديدية– سلفية الأفغاني ومحمد عبده في مقاومة الاستعمار وطلب التحرر والوطنية. وسلفية المغرب التي قبلت الحداثة(السلفية الوطنية). بالتالي السلفية الأحوازية تريد تطهير الإسلام مما لصق به، أم مقاومة الاستعمار الفارسي؟ هل عندنا ما يدل على وجود فكرة سلفية أحوازية لها أطروحة عرضت فيها مواقفها الواضحة من مشاكل ثقافتنا وحلول مطروحة ومنها الاحتلال والوطنية وتُبين للأحوازيين فكرة السلفية ودعوة التحول إليها، تعلن وجود تيار سلفي أحوازي؟

ثانياً: موضة العلمانية

    أما موضة العلمانية فليست عندنا شخصية أحوازية فكرية علمانية صدر عنها كتاب أو دراسة نشير إليه عرضت فيه حاجة الثقافة الأحوازية إلى فكرة العلمانية. كتاب غرضه إفهام وتفهيم الناس في الثقافة الأحوازية معنى العلمانية أو ما هي العلمانية، وفي الوقت نفسه يُعبر عن اتجاه تيار له مواقف فكرية مكتوبة واضحة من مشاكل الثقافة الأحوازية، ويسمى التيار العلماني الأحوازي كما هو حاصل في كل المجتمعات. التعرف على العلمانية في ثقافة كل مجتمع هو الرجوع إلى خطاب التيار العلماني الذي يمثلها في هذه الثقافة أو تلك، نشأته وتاريخه ونصوصه وشخصياته وهي تشكل المادة الأساسية للدراسة.

      أما عندنا فنرجع إلى النقل الشفوي، وقال (الراوي الأحوازي) عن موضة العلمانية وعن السلفية!! لا نعرف ما إذا كان أصحاب موضة العلمانية عندنا يرجعون إلى المرجعية أو اللغة العربية التي مازال اللبس فيها سائداً وقائماً عند الكثيرين عند تعريف وفهم العلمانية على صعيد اللغة العربية (نسبة العلمانية إلى العالم الدنيوي)، أو إلى الترجمة من اللغات الأوروبية وتعدد اختلاف معاني العلمانية في هذه اللغات من الفرنسية(laïcité)، أي معنى كلمة(لائكية) واللائكية كصياغة عربية- مشتقة من لفظ أجنبي لاتيني هو(Laicus) وهو بدوره مأخوذ من اللفظ اليوناني(Laos) ومعناه الشعب، أي الشعب بالمعنى الوطيئ في استعماله اللاتيني وذلك مقابل الكاهن” Clerc” وهو رجل المعرفة (العالمِ) من اللفظ اليوناني Cleros”” والمقصود الرجل الدين المسيحي المنتظم في سلك الكهنوت  الكنسي. هذا الكلام عن اللائكية في التجربة الفرنسية ذات الكنيسة الكاثوليكية. أما العلمانية في اللغة الإنكليزية-الأمريكية ومعها التجربة الألمانية(Secularization) حيث سادت البروتستانتية، وهو أكثر تعبيراً عن العلاقة بين الشأن الديني والشأن الدنيوي، فهو أكثر مرونة(2).

 أم أن هؤلاء يرجعون إلى المرجعية الفارسية؟ أم لا هذا ولا ذاك فيرجعون إلى المرجعية الأوروبية نفسها؟ ولكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هم يترجمون من المرجعية الأوروبية إلى اللغة العربية الأحوازية أم إلى اللغة الفارسية أم لا يريدون تفعيل العلمانية كما هي في أوروبا؟

    في ظل غياب نص أحوازي موضوعي عن السلفية والعلمانية يساعد في دراستنا، نتجه إلى قراءة تاريخ وتجربة وفكرة السلفية في المرجعية العربية الإسلامية كي نعرف معنى السلفية، وندرس من خلال الشفوية الأحوازية والأحداث في ثقافتنا (وهي مواد خام) متى وكيف دخلت السلفية إلى الثقافة الأحوازية، ونؤرخ لها كتجربة تاريخية.

     أما العلمانية فبالرجوع إلى موطنها وأصلها وتاريخها في أوروبا، والأسباب التي أنتجت العلمانية؛ صراع الكنيسة والحركات الأوروبية (الفلسفة والعلم والدولة). لنقل إنه الفصل بين الكنيسة والعلمانية في التجربة التاريخية الأوروبية، وهي تجربة تختلف عن تجربة تخلو من الكنيسة وسلطتها، أي تجربة وتاريخ الدولة العربية الإسلامية. وتاريخ الثقافة الأحوازية الحية الموروثة بقي ضمن هذا التجربة الأخيرة، منذ مجيئ الإسلام إلى ظهور الدولة المشعشعية ولحظة إسقاطها، وابتداء عصر الاستعمار الثلاثي (الفارسي التركي الإنكليزي) إلى وقتنا الحاضر عصر الاستعمار الفارسي الأحادي. تاريخ لم تقم فيه دولة أحوازية على الكنيسة أو تحول الإسلام إلى كنيسة، حتى نطلب العلمانية في مقاومة للكنيسة الأحوازية(!) التي تحكم ثقافتنا وتحكم السياسة.

     بقي أن نعلن الانحياز إلى العقلانية والديمقراطية والوطنية في قراءة قضايا ثقافتنا الأحوازية ونرى أنها ثقافة تحتاج إلى هذه الثلاثية وتناسبها. نحن نمارس في آن واحد نقد الثقافة الشعبية الأحوازية وما يدخل فيها من أقاويل فاسدة وإيمان العجائز غير المؤسس لها، فنضع خطوات تأسيس المفاهيم الفكرية كما فعلنا في مؤلفات صدرت لنا واتخذنا نفس المسلك اليوم ونراه بقي صالحاً ونافعاً.

  ثالثاً: الوطنية عند دعاة التحرير

  دعاة التحرير عندنا خلطوا بين فكرة القومية وفكرة الوطنية، فلا فهموا هذه ولا تلك

لماذا لم يظهر عندنا تاريخ وطني وأدب وطني وحركة سياسية وطنية ومثقف أو مؤرخ وطني؟

 “ولما كان الوطن العربي مجزءاً إلى ولايات وأقطار مستقلة، وكانت الأمة العربية شعوباً وقبائل موزعة على تلك الولايات والأقطار، فإن مهمة الفكرة القومية كانت بالضرورة مهمة مضاعفة ذات ثلاثة أبعاد: نشر الوعي بوحدة الوطن، وبضرورة توحيد الأمة، وإقامة دولة الوحدة التي تتطابق معها”(3).

 فكرة القومية العربية في المشرق العربي قسمها أستاذنا الجابري إلى لحظتين- الأولى ظهرت في لبنان وكانت تعني حق العرب في الانفصال عن الترك ذلك “سنة 1875م في مواجهة الدولة العثمانية. فكرة القومية وجدت أمامها تيارات قوية تحاصرها: تيار الوطنية في مصر خاصة، وتيار(العثمانية) في الولايات العربية، وتيار(الجامعة الإسلامية) في المشرق العربي وكان جمال الدين الأفغاني قائده ومحركه. كانت مصر مستغرقة في قضاياها الوطنية، خصوصاً بعد الاحتلال الإنكليزي، فلم تكن الفكرة القومية تلقى فيها أية أصداء”.

  “لقد انتهت اللحظة الأولى من تاريخ الفكرة القومية العربية مع خضوع المشرق العربي للحكم البريطاني الفرنسي، وبذلك أصبح الاستعمار بأشكاله المختلفة… يجمع عرب المشرق إلى مصر وشمال  أفريقية”، بعد هزيمة الترك في الحرب العالمية الثانية “وفشل ثورة الشريف حسين ورحيل ابنه فيصل عن سورية إلى العراق”. وفي هذا التاريخ تحديداً ظهرت (اللحظة الثانية) لفكرة القومية العربية عند رائدها ساطع الحصري والتنظير لفكرة وحدة دولة/الأمة العربية الواحدة نسبة إلى ما حدث في أوروبا- دولة/الأمة الألمانية ودولة/لأمة الإيطالية ودولة/الأمة الفرنسية(Nationalisme) “نسبة إلى(Nation)، وترجمة نسبة إلى الأمة”. فالوحدة هنا مقابل واقع التجزئة والانقسام في المشرق العربي ولم تكن نفسها مطروحة في المغرب العربي الذي بقي وضعه التاريخي خاصاً(4).

 فأما الفكر القومي أو “الاتجاه القومي فقضيته الرئيسية هي الوحدة العربية، الوحدة كهدف في ذاته والوحدة كوسيلة للتحرر والتقدم”(5). وتنظير ساطع الحصري كان منصباً على هذا الوضع التجزئة، أي”العمل لتكوين وحدة الأمة” منذ الثلاثنيات إلى الستينيات (توفي سنة1968). في نفس الوقت كانت الدولة الوطنية القُطرية تشيّد نفسها وتقوي ذاتها وكيانها على أساس مفهوم الوطنية(Patriotisme) من (Patrie) ومعناه الوطن.

 الدولة الوطنية القُطرية هي دولة التجزئة بعبارة الفكر القومي، حدث هذا التناقض بين فكرة القومية ووجود الدولة الوطنية في الوقت نفسه، منذ العشرينيات إلى الأربعينيات. أنموذجاً تحرك نوري سعيد في العراق وبالتنسيق مع مصطفى النحاس في مصر عقد جلسات في الإسكندرية والتي أنتجت (ميثاق جامعة الدول العربية) الذي صار نافذ المفعول منذ 11/5/ 1945. وكان ميثاقاً يوازي مصلحة الدول الإقليمية العربية ومصالح الإنكليز بجهد رجلها نوري سعيد في العراق كما عرضنا أعلاه تحليل أستاذنا الجابري الذي كتب قائلاً- “تاريخ جامعة الدول العربية الأسود نسبة إلى موقفها من قضية فلسطين”.

من هنا نفهم سبب رفض جامعة الدول العربية نفسها طلب شيوخ عشائر الأحواز المُقدم عام 1946 إلى عبد الرحمن عزام باشا أمين سر الجامعة العربية ومقرها في مصر حيث في ذلك الوقت لم تكن لفكرة القومية أصداء. فكرة القومية  تبلورت بعد جمال عبد الناصر عندما أصبح زعيماً وطنياً وقومياً: “الناصرية ليست موضوعاً مصرياً وحسب…موضوع العرب جميعاً…الناصرية مرحلة وليست مذهباً في التفكير ولا نظرية في السياسة أو الثورة”(6).

 نحن في الأحواز سمعنا مصطلح القومية بعد ظهور عبد الناصر. فظهرت عندنا وسط هذا المد الناصري في تلك المرحلة ابتداء(اللجنة القومية العليا سنة 1958) وبعد ذلك (جبهة تحرير عربستان- العراق 1964) و(الجبهة الوطنية لتحرير عربستان الكويت) و(الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز) إلى باقي الأسماء التي لم تزل تتوالد عندنا إلى اليوم. اختلط عندنا اسم القومية وفكرتها، وإلى يومنا هذا ما يزال متداولاً عندنا في الكلام والكتابة عبارة (الوعي القومي) بدل عبارة (الوعي الوطني) دون الفصل بينهما. هذا يصدق عندنا على اسم القبلية تاريخها وثقافتها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى دورها في تاريخنا السياسي الحديث عندما كان شيوخها أول من قام بالاعتراض على دولة الاحتلال وطالبوا بامتيازات وحقوق كانت ممنوحة لهم وتم إلغاؤها من قبل رضا خان الفارسي حسب الرسائل المختومة من هؤلاء الشيوخ(7). لم ينتج فعلهم تياراً وطنياً وهم أبناء شيوخ عشائر مرحلة الشيخ خزعل بن جابر.

 فعلاً سمعنا اسم القومية العربية في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، وهو وقت يعتبر متأخراً تاريخياً نسبة إلى لحظة القومية الأولى 1875م واللحظة الثانية بداية سنة 1930. ومع هذا لم نقرأ فكرها وطلبها الرئيس وفهمه أو الغاية وهي طلب إقامة وحدة دولة/الأمة للتمييز بين هذا وبين فكر ومطلب وغاية الفكر الوطنية وهو إقامة دولة في حدود جغرافية القطر العربي الواحد وفق خصوصية الوطنية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى الفكرة القومية أصبحت نفسها في ذلك الوقت محاصرة من فكرة الدولة العربية الوطنية القُطرية التي أصبحت حية وموجودة تنمو وتترسخ يوماً بعد يوم في الوطن العربي، ومنها القائمة في كيان معروف ومنها التي تقاوم وتطلب الاستقلال الوطني، أو كما يعبر عن ذلك أستاذنا الجابري (انتصار الدولة القطرية)(8) وهي التجزئة نقيض الوحدة العربية في الفكر القومي.

 هنا يجب أن لا تنسى ذاكراتنا ونحن نتكلم عن التاريخ السياسي الأحوازي أن الفرس شيدوا أسس الوطنية الفارسية، لا في وطنهم بلاد فارس ومركزها طهران فحسب، بل إنهم شيدوا رؤيتهم الوطنية كذلك في ساحة الثقافة الأحوازية وفي عمق وعينا التاريخي. فحدث في وعينا كل هذا التراكم والتداخل، ومع هذا لم يميز الفرد الأحوازي في الأمس واليوم بين فكرة القومية عند ساطع الحصري ومن بعده فكرة الأستاذ ميشيل عفلق، وفكرة الوطنية التي تخص بلداً عربياً ما، وهي تختلف عن الفكرة القومية العربية التي تخص قيام دولة واحدة تجمع كل العرب باعتبارهم أمة واحدة في التاريخ واللغة انقسموا إلى ولايات وأقطار.

  أما نحن، فوضعنا التاريخي الأحوازي لم يكن مختلفاً عن باقي أقطار الدول العربية على الرغم من وجود خصوصية لنا، لكن الخصوصية الأحوازية لم تلغِ المشترَك بيننا وبين العرب وهو وجود الاستعمار. فنحن لم تكن عندنا دولة وطنية أحوازية، فمنذ إسقاط الدولة المشعشعية بقي الأحواز مفتوحاً أمام  دخول الاستعمار الثلاثي: الفارسي والعثماني والإنكليزي، ولم تنتهِ مقاومة سلمان بن سلطان الكبرى للاستعمار الثلاثي المذكور عندنا إلى تشييد دولة وطنية، وانتهت المقاومة بوفاته سنة 1767، وعندما تم تنصيب جابر بن مرداو من الفرس  سنة 1856 بقرار قاجاري معروف في سبع نقاط، ومن بعده أبناؤه، لم تحدث مقاومة وطنية في فترة حكم عائلة جابر ورفض وتجاوز حدود صلاحية نقاط التنصيب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى  تجاوز ما جاء من تنازل تركي في معاهددة أرضروم الثانية 1847، عن تبعية الأحواز أو المحمرة قانونياً إلى الدولة الفارسية. لم يحدث تقدم وتطوير العمل المقاوم الوطني بعد تجربة سلمان بن سلطان، بقي العراك والتنازع القبلي سائداً وقائماً في الأحواز على الصعيد الداخلي تحت سيطرة وهيمنة الاستعمار الإنكليزي، والذي تفاوض مع الدولة القاجارية وتعامل مع شيخ خزعل باعتباره إقطاعياً كبيراً في نهب الثروة الوطنية الأحوازية وفق ما تقتضي سياسة ومصلحة هؤلاء الإنكليز(9).

  وفي المئة سنة الأخيرة تمكن الاستعمار الأحادي الفارسي بعد أن شيد أسس نظرية الوطنية والدولة الواحدة من احتلال الأحواز وإلغاء الامتيازات الممنوحة والتنصيب للحكام المحليين، والاستعمار الإنكليزي في الأحواز وافق أن يتعامل للحفاظ على مصالحه مع دولة وطنية فارسية جديدة، هي من تُمسك الواقع وتسيطر على الأرض والثروة والناس في ظل غياب بديل ينافس قوة  رضاخان، وهو ما لم يتوفر في شيخ خزعل الذي بقي يفكر بروح ونزعة قبلية لم تقاوم نزعة ثورة الوطنية الفارسية القادمة إليه من بلاد فارس.

  بقي أن اسم “الوطنية” ظهر عندنا، هذا صحيح، ولكن دون أن يقرأ الأحوازي كتاباً واحداً عن تعريفها ومفهومها. والأمر نفسه يصدق بشأن فكرة وتاريخ القومية العربية، فالقومية لم يكن لها  معنى في اللغة العربية التراثية يفيد ما هو موجود في اللغة العربية الحديثة عن معنى وتعريف لفظ القومية والذي ترجم من اللغة الأوروبية. فلفظ  القومية الجديد عند العرب “يفيد النسبة إلى(قوم) وهي كلمة فقيرة الدلالة إذ تدل على الجماعة…الرجال دون النساء فـ قوم الرجل شيعته وعشيرته”. وكذلك معنى الأمة عندنا، “بالرجوع إلى أصل الكلمة: فالأمة بالمعنى القرآني من الأم بفتح الهمزة أي القصد والسير في اتجاه معين وهذا هو معنى السنة والشرعية والنهج والدين”. بالتالي تختلف عن معنى وفكرة كلمة (Nation) “ناسيون الأوروبية  فهي تفيد في أصل اشتقاقها  معنى الولادة والعرق”.

  ونضيف قولاً: إن فكرة الوطنية ومعناها الجديد لم يكن موجوداً في اللغة والمرجعية التراثية العربية، فلفظ الوطن في اللغة تقول “عنه القواميس(منزلة الإقامة، ومربط البقر ومربط الغنم، والجمع: أوطان. وصيغة لفط الوطنية مصدر اصطناعي- ك الإنسانية من الإنسان)(10). هذا الأمر ينسحب عندنا على اسم وتعريف معنى القبيلة التي تداخل وضعها مع كلمة القومية والوطنية. إن من قرأ كتاباً واحداً عن هذه الثلاثية (القومية والوطنية والقبيلة) وفهم المكتوب يستطيع أن يفرق أو يميز بينها حسب القول العربي المعروف: وبضدها تتميز الأشياء.

  فهذا الغياب الفكري التاريخي الطويل عندنا بقي سبباً منتجاً لظاهرة الفوضى والتخبط الشامل، والأسوأ هو اللجوء إلى (الجهل المركب) بدل المراجعة ونقد الوعي السائد والذي بقي سائداً وقائماً فينا منقولاً من جيل إلى جيل. والحق أن السياسي أو المناضل بيننا من دعاة التحرير مثله مثل الناشط ومثله مثل

المثقف ومثله مثل كاتب التاريخ، وقع الجميع في خطأ واحد هو عدم الفصل بين معنى ومرجعية كل لفظ أو مفهوم وطريقة استعماله وتوظيفه في الكلام والكتابة وعدم معرفة أن وظيفة القبلية تختلف عن وظيفة الوطنية أو الدين مثلاً. من هنا نرى ضرورة أن تحدث عندنا مراجعة شاملة من أجل الفهم والإفهام، وهذا سبيلنا إلى قيام وطنية جديدة تقاوم موانعها التي تحول دون تحقيق نفسها وثقافتها في الوعي والواقع الملموس الأحوازي وتشكيلة ثلاثية- الاستعمار الفارسي والقبلية والأقاويل المذهبية الخرافية الفاسدة. بقي موضوع: التجديد وفكرة الوطنية في تاريخ أوروبا الحديث وكيف ومتى دخلت إلى الثقافة العربية وكيف ومتى دخلت الوطنية إلى تاريخ ثقافة الاستعمار الفارسي، ومكانة الوطنية في تاريخ الثقافة الأحوازية، وقد عرضنا هذا من مختلف الأوجه في كتب صدرت لنا(11).

وجود الاستعمار في الأحواز ليس قضاءً وقدراً، بل إنه فعل بشري ظلامي

دعاة اليسار والعلمانية والشيوعية بيننا رفضوا شعار التحرير، والسبب أن هؤلاء لم يعرفوا إلى اليوم ألف باء حقّين اثنين: الحرية والمساواة، وهما أصل حقوق الإنسان وقيام الديمقراطية والمجتمع المدني، والحق في حرية المعرفة وحرية الاعتقاد واستقلال القرار السياسي.

 إن وجود الاستعمار الفارسي في الثقافة الأحوازية مرفوض ومدان لسببين رئيسيين:

 الأول– أن وجود هذا الاستعمار يعتبر تجاوزاً وانتهاكاً للحقوق الوطنية الابتدائية الأولى الأحوازية، ابتداء من منع اللغة العربية في المدارس والجامعات وحرية كتابة التاريخ الوطني وتطوير الثقافة الوطنية عن طريق وسائل الإعلام ومؤسسات وطنية يختارها الناس بما تناسب خصوصية الثقافة الأحوازية.

 السبب الثاني: وجود الاستعمار الفارسي في الثقافة الأحوازية يعتبر مداناً ومرفوضاً بسبب أن ثقافة هذا الاستعمار الحاضرة وما وصل إليها من تراثهم، تقوم على اللاعقلانية والميثولوجية والخرافة والعنصرية في الأساس وتكون المرجعية، وقد كتبنا ما يكفي عن هذا الموضوع. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن وجود الاستعمار الفارسي ينقض أساس ما قامت عليه الحضارة الإنسانية في عصرنا الجديد وفكرها النقدي. ونعرض هنا باختصار لأصل ما قام عليه وشيد نفسه هذا الفكر، أي إلى حقين اثنين الحرية والمساواة للإنسان، وهما أصل حقوق الإنسان وقيام الديمقراطية والمجتمع المدني وحرية التعبير والتفكير، والأهم حرية الاختيار.

    نعرض إلى الأوجه الآتية: ومهمتنا تعرية وكشف زيف الأسماء المتداولة عندنا وهي المنقولة عن الفكر الأوروبي-(اليسار والعلمانية والشيوعية والليبرالية والمجتمع المدني والديمقراطية)، ذلك أن الدعاة لها بيننا هم أول من يجهل تاريخ نشأة هذه الأسماء المذكورة التي يرددونها. وظل هذا سبباً وراء عدم حصولهم على رؤية تخرجهم من العطالة والجهل الفكري الذي أوقعوا  فيه أنفسهم، مثلما لم يحصلوا على رؤية عن التراث العربي الإسلامي. وهذا الأمر عندنا واضح لا يحتاج إلى بيان طويل، يكفي القول إن هؤلاء لم يكتبوا مؤلفاً واحداً متوفراً بين أيدينا كأحوازيين يدل على وجودهم الفكري، أو أخرجوا مجلة واحدة، أو عقدوا ندوات عرضوا فيها رؤيتهم، في حين أنه من أسهل الأمور فعل هذه الأشياء، وقد أصبحت سهلة المنال، ومن البديهيات التي يقوم بها كل مثقف ورافع شعار عن قضية يدافع عنها وينتسب إليها، وهي في أقل تقدير ترفع عنهم الحرج وتؤكد أن هؤلاء لا يلقبون أنفسم بأسماء للتزين فقط.

أولاً –  حقوق الإنسان: كفاح ونضالات طويلة:

    إن حقوق الإنسان العالمية، باعتبار أنها “حقوق كونية عالمية، كلية مطلقة “(12)، فهي حقوق قامت أساساً على أصل الحرية والمساواة: “أي الاعلإن العالمي لحقوق الإنسان…إنها حقوق للناس كافة،، لا فرق بين ذكر وأنثى ولا بين أسود وأبيض ولا بين فقير وغني… وقد بنى فلاسفة أوروبا في القرن الثامن عشر حقوق الإنسان تلك على حَقَّيْن  اثنين تتفرع عنهما جميع الحقوق الأخرى، وهما : حق الحرية وحق المساواة(13)”.

ثانياً- الديمقراطية، ثلاثة قرون من النضال:

    والديمقراطية نفسها في أوروبا، كأنموذج على صعيد النظرية والواقع السياسي، لم تقم كما هي اليوم، إلا بعد ثلاثة قرون من النضال والكفاح، وحسب كلام أستاذنا الجابري: “يعرف الجميع أن الديمقراطية كما تعيشها أوروبا اليوم هي نتيجة سلسلة من التطورات والكفاحات، والحروب أيضاً، عاشتها أوروبا من قبل، ولمدة لا تقل عن ثلاثة قرون(14)”.

ثالثاً- المجتمع المدني- إلى حد التضاد لـ المجتمع القبلي –البدوي:

   الكلام عن المجتمع المدني في الثقافة الأحوازية كما يحب أن يردد له بعضنا هو موضة مثله مثل عبارات غيرها أو مفاهيم جاء ذكرها أعلاه، مطروحة عندنا وتعاني من الفراغ الفكرى والفوضى، فمن يردد عبارة “المجتمع المدني” لم يقدم تعريفاً عن هذه الثقافة التي يطلب أن يحدث فيها المجتمع المدني؟! ثقافة القبائل والتي تصل أعدادها إلى المئة والعشرين قبيلة وربما أكثر حسب مؤرخي تاريخنا في أواخر الستينيات، حيث إن مجتمعنا القبلي الأحوازي مازال إلى اليوم(2018) تتوالد بين فترة وأخرى فيه أسماء بيوت وعشائر جديدة تنفصل عن غيرها بهوية صغيرة تحت بيرق وشيخ جديد، تُجسد التوغل في ثقافة القبلية في غياب وحدة الرابطة والجماعة الوطنية، والمجتمع المدني نفسه المترجم من اللغة الأوروبية والذي يتكلم بعضنا عنه ويرفع شعاره في المسامرات، يُطلب من هؤلاء أن يقدموا لنا معرفة واضحة عن تاريخ هذه الثقافة تبرز وجود وعي ورؤية عندهم قبل الكلام عن طلبهم أن يحدث في هذه الثقافة نفسها المجتمع المدني، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يطلب منهم معرفة تاريخ الفكر الأوروبي وكيف أنتج لنفسه مجتمعاً مدنياً.

   وليس قصدنا من الرؤية قراءة مقال أو كتاب وحفظ معلومات، فنحن نعرف أن هذا متوفر للجميع، لكن هذا المتوفر بين أيدينا لا يكفي وحده في بناء رؤية عن المجتمعين، الأوروبي المنقول منه عبارة المجتمع المدني وعن المجتمع القبلي الأحوازي الذي يطلب هؤلاء أن يحدث فيه هذا المفهوم الأخير كما حدث للمجتمع المنقول منه. نعرض النص الآتي عن صلب موضوعنا، فربما يساعدنا على كشف أفق جديد للتفكير نحو بناء رؤية، إذ يكتب صاحبه- قائلاً:

   “والحق أننا سنصاب بدهشة  كبرى إذا نحن أردنا التدقيق في المدلول لعبارة (المجتمع المدني) كما يتم تحديد معناها في اللغة العربية، بالمقارنة مع ما تحدد به في اللغات الأوروبية! ذلك أن لفظ (مجتمع) صيغة ترد في اللغة العربية إما بكونها اسم مكان أو اسم زمان ..(مجتمع القوم: اجتماعهم، أو زمانه أو مكانه) وبالتالي فهو لا يؤدي معنى اللفظ الأجنبي الذي نترجمه به (Societe,Scoiety) ، والذي يعني، أول ما يعني، عدداً من الأفراد، يشكلون (مجموعة) أو (جماعة) بفعل رابطة ما تجمع بعضهم إلى بعض، أما لفظ (مدني) فهو يحيل في اللغة العربية إلى المدينة إلى الحاضرة “قارن -بدو- حضر، بادية- مدينة، تماماً كما فعل ابن خلدون حينما استعمل (الاجتماع الحضري) ومقابله (الاجتماع البدوي)… تحليل المجتمع العربي في عهده والعهود السابقة له وأيضاً اللاحقة”.

  هذا في حين أن اللفظ الأجنبي (Civil  الذي نترجمه بـ (مدني) في قولنا (مجتمع مدني) يستبعد في الفكر الأوروبي ثلاثة معان رئيسة هي بمثابة  أضداد له: معنى(التوحش)… معنى (الإجرام) … معنى(الانتماء إلى الجيش)… ومعنى الانتماء إلى الدين. وهكذا فعبارة (المجتمع المدني) في الفكر الأوروبي، بناء على ذلك، مجتمع متحضر، لا سلطة فيه للعسكر والكنيسة”(15).

 انتصار الجديد على القديم لا يتم عبر مجرد كلام:      

    نريد أن ننهي كلامنا هنا بعرض نص مفكر نعتبره أستاذنا عن ما تعاني ثقافتنا الأحوازية من ما يطفو على السطح فيها من أقاويل، فكلما كتبنا شيئاً تنكشف أمامنا مجاهيل واسعة تطلب مرة أخرى أن نبدأ الكلام في قضايا جديدة، فالثقافة الشعبية الأحوازية أهم حاجة تطلبه هو تشييد  الفكر وعملية ترسيخ مفاهيمه فيها، كي يحدث التحول من سلط العقائد الخرافية ونزعة القبيلة وثقافة الاستعمار وقيام الوعي بخصوصيتها التاريخية، وهذا يطلب جهدًا طويلاً وكذلك زمنًا، من أجل (تبيئة المفاهيم) وهي عبارة الجابري المعروفة، لا بل إنه يطلب أكثر من مجرد كلام.

  “إن انتصار الجديد على القديم لا يتم عبر مجرد الكلام أو مجرد الدعوى والادعاء. إنه لا بد من مجهود فكري حقيقي يقوم به مثقفون مؤمنون بالقضايا التي يدافعون عنها وأيضاً يتحملون التضحيات الضرورية في سبيلها. وجلّ المفكرين الأوروبيين… خاضوا معارك للصدع بقناعتهم وآرائهم، فتحملوا النفي والاعتقال والتهميش، بسبب أفكارهم تلك التي ننقلها عنهم نحن اليوم مجاناً ونروجّ لها بالمجان. ومن يدري؟! فربما كان هذا سبباً في بقائها عندنا على السطح “(16).

 

الهوامش:

1 – حوار المشرق والمغرب- حسن حنفي-  الجابري- ص 87، رؤية للنشر مصر الطبعة الرابعة-  2005.

2 –  في نقد  الحاجة إلى الإصلاح ص 78- 80، الجابري- الطبعة الأولى 2005، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت.

3 – المشروع النهضوي  العربي مراجعة نقدية ص 87. الجابري، الطبعة الخامسة 2016، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت.

4 – نقد الخطاب القومي، ص 50-51، الدكتور عبد الإله بلقزيز.الطبعة الأولى 2010، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت.

5- المشروع النهضوي- ص87، الجابري مصدر سابق.

6 – حوار المشرق والمغرب- ص180، حسن حنفي- الجابري-الطبعة الخامسة 2005، رؤية للنشر والتوزيع مصر.

7 – العشائر العربية  والسياسة الإيرانية- 1942-1946 عرض وثائقي، ص 66- الدكتور علاء  موسى كاظم نورس. الطبعة الأولى العراق 1982.

8- إشكاليات الفكر العربي المعاصر، ص 92، الجابري- الطبعة السادسة 2010، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت.

9-انظر كتابنا- تاريخ الأحواز الممزق من أربع جهات وضرور التحرر منها – تدوين تاريخ الأحواز الوطني (الجزء الأول) تحت الطبع دار دجلة.

10- نحن والوطنية- ص116،  محمود عبدالله.

11- نحن والتجديد، وكتاب مستقل عن الوطنية- تحت عنوان(نحن والوطنية) وكتاب(نحن والعرب) صدرت عن دار دجلة الأردن.

12- في نقد الحاجة إلى الإصلاح، ص 156، الجابري- الطبعة الأولى- 2005، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت.

13- الديمقراطية وحقوق الإنسان- ص 145، 146، الجابري، الطبعة الخامسة 2015، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت.

14- الديمقراطية وحقوق الإنسان، ص 47، الجابري- مصدر سابق.

15- في نقد الحاجة إلى الإصلاح، ص 172.الجابري- مصدر سابق.

16- في نقد الحاجة- ص 167-168، الجابري مصدر السابق.

 

زر الذهاب إلى الأعلى